للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو أجهده الصوم فأفطر والثاني: لا يبطل لأن الفطر بسبب من غير جهته فلم يقطع التتابع كالفطر بالحيض وإن كان بالسفر ففيه طريقان: من أصحابنا من قال فيه قولان كالفطر بالمرض لأن السفر كالمرض في إباحة الفطر فكان كالمرض في قطع التتابع والثاني: أنه يقطع التتابع قولاً واحداً لأن سببه من جهته وإن انقطع الصوم بالإغماء فهو كما لو أفطر بالمرض وإن أفطرت الحامل أو المرضع في كفارة القتل أو الجماع في رمضان خوفاً على ولديهما ففيه وجهان: أحدهما: أنه على قولين لأنه فطر لعذر فهو كالفطر بالمرض والثاني: أنه ينقطع التتابع قولاً واحداً لأن فطرهما لعذر في غيرهما فلم يلحقا بالمريض ولهذا يجب عليهما الفدية مع القضاء في يوم رمضان ولا يجب على المريض وإن دخل في الصوم فقطعه بصوم رمضان أو يوم النحر لزمه أن يستأنف لأنه ترك التتابع بسبب لا عذر فيه.

فصل: وإن دخل في الصوم ثم وجد الرقبة لم يبطل صومه وقال المزني يبطل كما قال في المتيمم إذا رأى الماء في الصلاة وقد دللنا عليه في الطهارة والمستحب أن يخرج من الصوم ويعتق لأن العتق أفضل من الصوم لما فيه من نفع الآدمي ولأنه يخرج من الخلاف.

فصل: وإن لم يقدر على الصوم لكبر لا يطيق معه الصوم أو لمرض لا يرجى برؤه منه لزمه أن يطعم ستين مسكيناً للآية والواجب أن يدفع إلى كل مسكين مداً من الطعام لما روى أبو هريرة رضي الله عنه في حديث الجماع في شهر رمضان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "أطعم ستين مسكيناً" قال: لا أجد قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق من تمر فيه خمسة عشر صاعا فقال: "خذه وتصدق به". وإذا ثبت هذا بالجماع بالخبر ثبت في المظاهر بالقياس عليه.

فصل: ويجب ذلك من الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة لأن الأبدان بها تقوم ويجب من غالب قوت بلده قال القاضي أبو عبيد ابن حربويه يجب من غالب قوته لأن في الزكاة الاعتبار بماله فكذلك ههنا والمذهب الأول لقوله تعالى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] والأوسط الأعدل وأعدل ما يطعم أهله قوت البلد ويخالف الزكاة فإنها تجب من المال والكفارة تجب في الذمة فإن عدل إلى قوت بلد أخرى فإن كان أجود من غالب قوت بلده الذي هو فيه جاز لأنه زاد خيراً فإن لم يكن أجود فإن كان مما يجب فيه زكاة ففيه وجهان: أحدهما: يجزئه لأنه قوت تجب فيه الزكاة فأشبه قوت البلد والثاني: لا يجزئه وهو الصحيح لأنه دون قوت البلد،

<<  <  ج: ص:  >  >>