الليل حتى كفينا وذلك قوله تعالى:{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ}[الأحزاب:٢٥] فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً فأمره فأقام فصلاها وأحسن كما تصلى في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كذلك ثم أقام المغرب فصلاها كذلك ثم أقام العشاء فصلاها كذلك ولأن للإعلام بالوقت وقد فات الوقت والإقامة تراد لإفتتاح الصلاة وذلك موجود وقال في القديم: يؤذن ويقيم للأولى وحدها ويقيم للتي بعدها والدليل عليه ما روى عبد الله بن مسعود أن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً فأذن ثم أقام وصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء ولأنهما صلاتان جمعهما في وقت واحد فكانتا بأذان وإقامتين كالمغرب والعشاء بالمزدلفة فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها بأذان وإقامتين وقال في الإملاء: إن أمل اجتماع الناس أذن وأقام وإن لم يؤمل أقام والدليل عليه أن الأذان يراد لجمع الناس فإذا لم يؤمل الجمع لم يكن للأذان وجه وإذا أمل كان له وجه قال أبو إسحاق: وعلى هذا القول الصلاة الحاضرة أيضاً إذا أمل الاجتماع لها أذن وأقام وإن لم يؤمل أقام ولم يؤذن فإن جمع بين صلاتين فإن جمع بينهما في وقت الأولى منهما أذن وأقام للأولى وأقام الثانية كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة وإن جمع بينهما في وقت الثانية فهما كالفائتتين لأن الأولى قد فات وقتها والثانية تابعة لها وقد بينا حكم الفوائت.
فصل: ولا يجوز الأذان لغير الصبح قبل دخول الوقت لأنه يراد بها الإعلام بالوقت فلا يجوز قبله وأما الصبح فيجوز لها بعد نصف الليل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بلالاً لا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم" ولأن الصبح يدخل وقتها والناس نيام وفيهم الجنب والمحدث فاحتيج إلى تقديم الأذان ليتأهب الناس للصلاة ويخالف سائر الصلوات فإنه يدخل وقتها والناس مستيقظون فلا يحتاج إلى تقديم الأذان وأما الإقامة فلا يجوز تقديمها على الوقت لأنها تراد لاستفتاح الصلاة فلا تجوز قبل الوقت