بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} فدل على أنه إذا أتى بأربعة شهداء لم يجلد ويجوز أن يسقط باللعان لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"البينة أو الحد في ظهرك" فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا رجلاً على امرأته يلتمس البينة فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "البينة وإلا حد في ظهرك" فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله عز وجل في أمري ما يبرئ ظهري من الحد فنزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}[النور: ٦] ولأن الزوج يبتلى بقذف امرأته لنفي العار والنسب الفاسد ويتعذر عليه إقامة البينة فجعل اللعان بينة له ولهذا لما نزلت آية اللعان قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أبشر يا هلال فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا" قال هلال قد كنت أرجوا ذلك من ربي عز وجل فإن قدر على البينة ولاعن جاز لأنهما بينتان في إثبات حق فجاز إقامة كل واحدة منهما مع القدرة على الأخرى كالرجلين والرجل والمرأتين في المال وإن كان هناك نسب يحتاج إلى نفيه لم ينتف بالبينة ولا ينتفي إلا باللعان لأن الشهود لا سبيل لهم إلى العلم بنفي النسب وإن أراد أن يثبت الزنا بالبينة ثم يلاعن لنفي النسب جاز وإن أراد أن يلاعن ويثبت الزنا وينفي النسب باللعان جاز
فصل: وإن عفت الزوجة عن الحد أو التعزير ولم يكن نسب لم يلاعن ومن أصحابنا من قال له أن يلاعن لقطع الفراش والمذهب الأول لأن المقصود باللعان درء العقوبة الواجبة بالقذف ونفي النسب لما يلحقه من الضرر بكل واحدة منهما وليس ههنا واحد منهما وأما قطع الفراش فإنه غير مقصود ويحصل له ذلك بالطلاق فلا يلاعن لأجله وإن لم تعف الزوجة عن الحد أو التعزير ولم تطالب به فقد روى المزني أنه ليس عليه أن يلاعن حتى تطلب المقذوفة وحدها وروى فيمن قذف امرأته ثم جنت أنه إذا التعن سقط الحد فمن أصحابنا من قال لا يلاعن لأنه لا حاجة به إلى اللعان قبل الطلب وقال أبو إسحاق له أن يلاعن لأن الحد قد وجب عليه فجاز أن يسقط من غير طلب كما يجوز أن يقضي الدين المؤجل قبل الطلب وقوله ليس عليه أن يلتعن لا يمنع الجواز وإنما يمنع الوجوب.
فصل: وإن كانت الزوجة أمة أو ذمية أو صغيرة يوطأ مثلها فقذفها عزر وله أن يلاعن لدرء التعزير لأنه تعزير قذف وإن كانت صغيرة لا يوطأ مثلها فقذفها عزر ولا يلاعن لدرء التعزير لأنه ليس بتعزير قذف وإنما هو تعزير على الكذب لحق الله تعالى،