للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن أتت امرأته بولد وكان يعزل عنها إذا وطئها لم يجز له نفيه لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله إنا نصيب السبايا ونحب الأثمان أفنعزل عنهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل إذا قضى خلق نسمة خلقها". ولأنه قد يسبق من الماء ما لا يحس به فتعلق به وإن أتت بولد وكان يجامعها فيما دون الفرج ففيه وجهان: أحدهما: لا يجوز له النفي لأنه قد يسبق الماء إلى الفرج فتعلق به والثاني: أن له نفيه لأن الولد من أحكام الوطء فلا يتعلق بما دونه كسائر الأحكام وإن أتت بولد وكان يطؤها في الدبر ففيه وجهان: أحدهما: لا يجوز له نفيه لأنه قد يسبق من الماء إلى الفرج ما تعلق به والثاني: له نفيه لأنه وضع لا يبتغي منه الولد.

فصل: إذا قذف زوجته وانتفى عن الولد فإن كان حملاً فله أن يلاعن وينفي الولد لأن هلال بن أمية لاعن على نفي الحمل وله أن يؤخره إلى أن تضع لأنه يجوز أن يكون ريحاً أو غلظاً فيؤخر ليلاعن على يقين وإن كان الولد منفصلاً ففي وقت نفيه قولان: أحدهما: أنه الخيار في نفيه ثلاثة أيام لأنه قد يحتاج إلى الفكر والنظر فيما يقدم عليه من النفي فجعل الثلاث حدا لأنه قريب ولهذا قال الله عز وجل: {يَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ الله لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ الله وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} [هود: ٦٤] ثم فسر القريب بالثلاث فقال: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} والثاني: وهو المنصوص في عامة الكتب أنه على الفور لأنه خيار غير مؤد لدفع الضرر فكان على الفور كخيار الرد بالعيب فإن حضرت الصلاة فبدأ بها أو كان جائعاً فبدأ بالأكل أوله مال غير محرز واشتغل بإحرازه أو كان عادته الركوب واشتغل بإسراج المركوب فهو على حقه من النفي لأنه تأخير لعذر وإن كان محبوساً أو مريضاً أو قيماً على مريض أو غائباً لا يقدر على المسير وأشهد على النفي فهو على حقه وإن لم يشهد مع القدرة على الإشهاد سقط حقه لأنه لما تعذر عليه الحضور للنفي أقيم الإشهاد مقامه إلى أن يقدر كما أقيمت الفيئة باللسان مقام الوطء في حق المولى إذا عجز عن الوطء إلى أن يقدر.

فصل: وإن ادعى أنه لم يعلم بالولادة فإن كان في موضع لا يجوز أن يخفى عليه ذلك من طريق العادة بأن كان معها في دار أو محله صغيرة لم يقبل لأنه يدعي خلاف الظاهر وإن كان في موضع يجوز أن يخفى عليه كالبلد الكبير فالقول قوله مع يمينه لأن ما يدعيه ظاهر وإن قال علمت بالولادة إلا أني لم أعلم أن لي النفي فإن كان ممن يخالط أهل العلم لم يقبل قوله لأنه يدعي خلاف الظاهر وإن كان قريب عهد بالإسلام أو نشأ

<<  <  ج: ص:  >  >>