للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعظم من إثمه بالقذف وإن أبدل الرجل لفظ اللعنة بلفظ الغضب ففيه وجهان: أحدهما: يجوز لأن الغضب أغلظ والثاني: لا يجوز لأنه ترك المنصوص عليه وإن قدم الرجل لفظ اللعنة على لفظ الشهادة أو قدمت المرأة لفظ الغضب على لفظ الشهادة ففيه وجهان: أحدهما: يجوز لأن القصد منه التغليظ وذلك يحصل مع التقديم والثاني: لا يجوز لأنه ترك المنصوص عليه.

فصل: والمستحب أن يكون اللعان بحضرة جماعة لأن ابن عباس وابن عمر وسهل ابن سعد رضي الله عنهم حضروا اللعان بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم على حداثة سنهم والصبيان لا يحضرون المجالس إلا تابعين للرجال فدل على أنه قد حضر جماعة من الرجال فتبعهم الصبيان ولأن اللعان بني على التغليظ للردع والزجر وفعله في الجماعة أبلغ في الردع والمستحب أن يكونوا أربعة لأن اللعان سبب للحد ولا يثبت الحد إلا بأربعة فيستحب أن يحضر ذلك العدد ويستحب أن يكون بعد العصر لأن اليمين فيه أغلظ والدليل عليه قوله عز وجل: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِالله} [المائدة: ٢٠٦] قيل هو بعد العصر وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: رجل حلف يميناً على مال مسلم فاقتطعه ورجل حلف يميناً بعد صلاة العصر لقد أعطى بسلعته أكثر مما أعطى وهو كاذب ورجل منع فضل الماء فإن الله عز وجل يقول: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ماء لم تعمله يداك" ١. ويستحب أن يتلاعنا من قيام لما روى ابن عباس رضي الله عنه في حديث هلال بن أمية فأرسل إليهما فجاآ فقام هلال فشهد ثم قامت فشهدت ولأن فعله من قيام أبلغ في الردع واختلف قوله في التغليظ بالمكان فقال في أحد القولين إنه يجب لأنه تغليظ ورد به الشرع فأشبه التغليظ بتكرار اللفظ وقال في الآخر يستحب كالتغليظ في الجماعة والزمان والتغليظ بالمكان أن يلاعن بينهما في أشرف موضع من البلد الذي فيه اللعان فإن كان بمكة لاعن بين الركن والمقام لأن اليمين فيه أغلظ والدليل عليه ما روي أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رأى قوماً يحلفون بين الركن والمقام فقال: أعلى دم؟ قالوا: لا


١ رواه البخاري في كتاب الشرب باب ١٠. كتاب التوحيد باب ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>