والقدرة في المقدور ألا ترى أنك تقول اغفر لنا علمك فينا وتريد المعلوم وتقول انظروا إلى قدرة الله وتريد به المقدور فانصرف إليه بالنية فإن قال وحق الله وأراد به العبادات لم ينعقد يمينه لأنه يمين بمحدث وإن لم ينو العبادات انعقدت يمينه لأن الحق يستعمل فيما يستحق من العبادات ويستعمل فيما يستحقه الباري من الصفات وذلك من صفات الذات وقد انضم إليه العرف في الحلف به فانعقدت به اليمين من غير نية.
فصل: وإن قال علي عهد الله وميثاقه وكفالته وأمانته فإن أراد به ما أخذ علينا من العهد في العبادات فليس بيمين لأنه يمين بمحدث وإن أراد بالعهد استحقاقه ما تعبدنا به فهو يمين لأنه صفة قديمة وإن لم يكن له نية ففيه وجهان: أحدهما: أنه يمين لأن العادة الحلف بها والتغليظ بصفاته كالطالب الغالب وترك المهلك والثاني: ليس بيمين لأنه يحتمل العبادات ويحتمل ما ذكرناه من استحقاقه ولم يقترن بذلك عرف عام وإنما يحلف به بعض الناس وأكثرهم لا يعرفونه فلم يجعل يمينا.
فصل: وإن قال بالله لأفعلن كذا بالباء المعجمة من تحت فإن أراد بالله إني أستعين بالله أو أثق بالله في الفعل الذي أشار إليه لم يكن يميناً لأن ما نواه ليس بيمين واللفظ يحتمله فلم يجعل يمينا وإن لم يكن له نية كان يميناً لأن الباء من حروف القسم فحمل إطلاق اللفظ عليه وإن قال تالله لأفعلن كذا بالتاء المعجمة من فوق فالمنصوص في الأيمان والإيلاء أنه يمين وروى المزني في القسامة أنه ليس بيمين واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال المذهب ما نص عليه في الأيمان والإيلاء لأن التاء من حروف القسم والدليل عليه قوله عز وجل: {وَتَالله لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ}[الأنبياء: ٥٧] وقوله تعالى: {لَقَدْ آثَرَكَ الله عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ}[يوسف: ٩١] فصار كما لو قال والله وبالله وما رواه المزني صحف فيه والذي قال المزني في القسامة بالباء المجمعة من تحت وتعليله يدل عليه فإنه قال لأنه دعاء وتالله ليس بدعاء ومن أصحابنا من قال إن كان في الأيمان والإيلاء فهو يمين لأنه يلزمه حق وإن كان في القسامة لم يكن يميناً لأنه يستحق به المال فلم يجعل يمينا وإن قال الله لأفعلن كذا فإن أراد به اليمين فهو يمين لأنه قد تحذف حروف القسم ولهذا روي أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل أبا جهل فقال: "آلله إنك قتلته". قال الله إني قتلته وإن لم يكن له نية لم