فصل: وإن قال أقسمت بالله أو أقسم بالله لأفعلن كذا ولم ينو شيئاً فهو يمين لأنه ثبت له عرف الشرع وعرف العادة فالشرع قوله عز وجل: {فَيُقْسِمَانِ بِالله لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا}[المائدة: ١٠٧] وقوله عز وجل: {وَأَقْسَمُوا بِالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}[المائدة: ٥٣] وعرف العادة أن الناس يحلفون بها كثيرا وإن قال أردت بقولي أقسمت بالله الخبر عن يمين متقدمة وبقولي أقسم بالله الخبر عن يمين مستأنفة قبل قوله فيما بينه وبين الله تعالى لأن ما يدعيه يحتمله اللفظ فأما في الحكم فالمنصوص في الأيمان أنه يقبل وقال في الإيلاء إذا قال لزوجته أقسمت بالله لا وطئتك وقال أردت به في زمان متقدم أنه لا يقبل فمن أصحابنا من قال لا يقبل قولا واحدا وما يدعيه خلاف ما يقتضيه اللفظ في عرف الشرع وعرف العادة وقوله في الأيمان أنه يقبل إرادته فيما بينه وبين الله عز وجل ومنهم من قال لا يقبل في الإيلاء ويقبل في غيره من الأيمان لأن الإيلاء يتعلق به حق المرأة فلم يقبل منه خلاف الظاهر والحق في سائر الأيمان لله عز وجل فقبل قوله ومنهم من نقل جوابه في كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وجعلهما على قولين: أحدهما: يقبل لأن ما يدعيه يحتمله اللفظ والثاني: لا يقبل لأن ما يدعيه خلاف ما يقتضيه اللفظ في عرف الشرع وعرف العادة فإن قال شهدت بالله أو أشهد بالله لأفعلن كذا فإن نوى به اليمين فهو يمين لأنه قد يراد بالشهادة اليمين وإن نوى بالشهادة بالله الأيمان بها فليس بيمين لأنه قد يراد به ذلك وإن لم يكن له نية ففيه وجهان: أحدهما: أنه يمين لأنه ورد به القرآن والمراد به اليمين وهو قوله عز وجل: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِالله إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}[النور: ٦] والثاني: أنه ليس بيمين لأنه ليس في اليمين بها عرف من جهة العادة وأما في الشرع فقد ورد والمراد به اليمين وورد والمراد به الشهادة فلم يجعل يميناً من غير نية وإن قال أعزم بالله لأفعلن كذا فإن أراد به اليمين فهو يمين لأنه يحتمل أن أقول أعزم ثم يبتدئ اليمين بقوله بالله لأفعلن كذا وإن أراد إني أعزم بالله أي بمعونته وقدرته لم يكن يمينا وإن لم ينو شيئاً لم يكن يميناً لأنه يحتمل اليمين ويحتمل العزم على الفعل بمعونة الله فلم يجعل يمينا من غير نية ولا عرف وإن قال أقسم أو اشهد أو اعزم ولم يذكر اسم الله تعالى لم يكن يميناً نوى به اليمين أولم ينو لأن اليمين لا ينعقد إلا باسم معظم أوصفة معظمة ليتحقق المحلوف عليه وذلك لم يوجد.
فصل: وإن قال أسألك بالله أو أقسم عليك بالله لتفعلن كذا فإن أراد به الشفاعة بالله عز وجل في الفعل لم يكن يمينا وإن أراد أن يحلف عليه ليفعلن ذلك صار حالفا