فصل: وإن حلف لا يشرب الماء فشرب ماء البحر احتمل عندي وجهين: أحدهما: يحنث لأنه يدخل في اسم الماء المطلق ولهذا تجوز به الطهارة والثاني: لا يحنث لأنه لا يشرب وإن حلف لا يشرب ماء فراتاً فشرب ماء دجلة أو غيره من المياه العذبة حنث لأن الفرات هو الماء العذب والدليل عليه قوله تعالى: {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً}[المرسلات: ٢٧] وأراد به العذب وإن حلف لا يشرب من ماء الفرات فشرب من ماء دجلة لم يحنث لأن الفرات إذا عرف بالألف واللام فهو النهر الذي بين العراق والشام.
فصل: وإن حلف لا يشم الريحان فشم الضميران وهو الريحان الفارسي حنث وإن شم ما سواه كالورد والبنفسج والياسمين والزعفران لم يحنث لأنه لا يطلق اسم الريحان إلا على الضميران وما سواه لا يسمى إلا بأسمائها وإن حلف لا يشم المشموم حنث بالجميع لأن الجميع مشموم وإن شم الكافور أو المسك أو العود أو الصندل لم يحنث لأنه لا يطلب عليه اسم المشموم وإن حلف لا يشم الورد والبنفسج فشم دهنهما لم يحنث لأنه لم يشم الورد والبنفسج وإن جف الورد والبنفسج فشمهما ففيه وجهان: أحدهما: لا يحنث كما لا يحنث إذا حلف لا يأكل الرطب فأكل التمر والثاني: يحنث لبقاء اسم الورد والبنفسج.
فصل: وإن حلف لا يلبس شيئاً فلبس درعاً أو جوشناً أو خفاً أو فعلاً ففيه وجهان: أحدهما: يحنث لأنه ليس شيئا والثاني: لا يحنث لأن إطلاق اللبس لا ينصرف إلى غير الثياب.
فصل: وإن كان معه رداء فقال والله لا لبست هذا الثوب وهو رداء فأرتدي به أو تعمم به أو اتزر به حنث لأنه لبسه وهو رداء فإن جعله قميصاً أو سراويل ولبسه لم يحنث لأنه لم يلبسه وهو رداء فإن قال والله لا لبست هذا الثوب ولم يقل وهو رداء فأرتدي به أو تعمم به أو اتزر به أو جعله قميصاً أو سراويل حنث ومن أصحابنا من قال: لا يحنث لأنه حلف على لبسه وهو على صفة فلم يحنث بلبسه على غير تلك الصفة والصحيح هو الأول لأنه حلف على لبسه ثوباً فحمل على العموم كما لو قال: والله لا لبست ثوبا.
فصل: وإن حلف لا يلبس حلياً فلبس خاتماً من ذهب أو فضة أو مخنقة من لؤلؤ