وتزوجت ثم حاضت لم يؤثر ذلك في العدة لأنها انقضت العدة وتعلق بها حق الزوج فلم يبطل فإن حاضت بعد العدة قبل النكاح ففيه قولان: أحدهما: لا يلزمها الاعتداد بالأقراء لأنا حكمنا بانقضاء العدة فلم يبطل بما حدث معه والثاني: يلزمها لأنها صارت من ذوات الأقراء قبل تعلق حق الزوج بها فلزمها الاعتداد بالأقراء فإن قلنا بقوله الجديد إنها تقعد إلى الإياس ففي الإياس قولان: أحدهما: يعتبر إياس أقاربها لأنها أقرب إليهن والثاني: يعتبر إياس نساء العالم وهو أن تبلغ اثنتين وستين سنة لأنه لا يتحقق الإياس فيما دونها فإذا تربصت قدر الإياس اعتدت بعد ذلك بالأشهر لأن ما قبلها لم يكن عدة وإنما اعتبر ليعلم أنها ليست من ذوات الأقراء.
فصل: وإن كانت ممن لا تحيض ولا يحيض مثلها كالصغيرة والكبيرة الآيسة اعتدت بثلاثة أشهر لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}[الطلاق: ٤] فإن كان الطلاق في أول الهلال اعتدت بثلاثة أشهر بالأهلة لأن الأشهر في الشرع بالأهلة والدليل عليه قوله عز وجل: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة: ١٨٩] وإن كان الطلاق في أثناء الشهر اعتدت بقية الشهر ثم اعتدت بشهرين بالأهلة ثم تنظر عدد ما اعتدت من الشهر الأول وتضيف إليه من الشهر الرابع ما يتم به ثلاثون يوما وقال أبو محمد عبد الرحمن ابن بنت الشافعي رحمه الله: إذا طلقت المرأة في أثناء الشهر اعتدت بثلاثة أشهر بالعدد كاملة لأنها إذا فاتها الهلال في الشهر الأول فاتها في كل شهر فاعتبر العدد في الجميع وهذا خطأ لأنه لم يتعذر اعتبار الهلال إلا في الشهر الأول فلم يسقط اعتباره فيما سواه.
فصل: وإن كانت ممن لا تحيض ولكنها في سن تحيض فيه النساء اعتدت بالشهور لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}[الطلاق: ٤] ولأن الاعتبار بحال المعتدة لا بعادة النساء والدليل عليه أنها لو بلغت سناً لا تحيض فيه النساء وهي تحيض كانت عدتها بالأقراء اعتباراً بحالها فكذلك إذا لم تحض في سن تحيض فيه النساء وجب أن تعتد بالأشهر اعتباراً بحالها وإن ولدت ولم تر حيضا قبله ولا نفاسا بعده ففي عدتها وجهان: أحدهما: وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني رحمه الله أنها تعتد بالشهور للآية والثاني: أنها لا تعتد بالشهور بل تكون كمن تباعد حيضها من ذوات الأقراء لأنه لا يجوز أن تكون من ذوات الأحمال ولا تكون من ذوات الأقراء.
فصل: وإذا شرعت الصغيرة في العدة بالشهور ثم حاضت لزمها الانتقال إلى