للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي طلقها فيه وإن اتسع الموضع لهما وأراد أن يسكن معها نظرت فإن كان في الدار موضع منفرد يصلح لسكنى مثلها كالحجرة أو علو الدار أو سفلها وبينهما باب مغلق فسكنت فيه وسكن الزوج في الثاني جاز لأنهما كالدارين المتجاورتين فإن لم يكن بينهما باب مغلق فإن كان لها موضع تستتر فيه ومعها محرم لها تتحفظ به كره لأنه لا يؤمن من النظر ولا يحرم لأن مع المحرم يؤمن بالفساد وإن لم يكن محرم لم يجز لقوله عليه الصلاة والسلام: " لا يخلون رجل بامرأة ليست له بمحرم فإن ثالثهما الشيطان" ١.

فصل: وإن أراد الزوج بيع الدار التي تعتد فيها نظرت فإن كانت مدة العدة غير معلومة كالعدة بالحمل أو بالأقراء فالبيع باطل لأن المنافع في مدة العدة مستثناة فيصير كما لو باع الدار واستثنى منفعة مجهولة فإن كانت مدة العدة معلومة كالعدة بالشهور ففيه وجهان: أحدهما: إنها على قولين كبيع الدار المستأجرة والثاني: أنه يبطل قولا واحدا والفرق بينهما أن منفعة الدار تنتقل إلى المستأجر ولهذا إذا مات انتقل إلى وارثه فلا يكون في معنى من باع الدار واستثنى بعض المنفعة والمرأة لا تنتقل المنفعة إليها في مدة العدة ولهذا إذا ماتت رجعت منافع الدار إلى الزوج فيكون في معنى من باع الدار واستثنى منفعتها لنفسه.

فصل: وإن حجر على الزوج بعد الطلاق لديون عليه لم يبع المسكن حتى تنقضي العدة لأن حقها يختص بالعين فقدمت كما يقدم المرتهن على سائر الغرماء وإن حجر عليه ثم طلق ضاربت المرأة الغرماء بحقها إن بيعت الدار استؤجر لها بحقها مسكن تسكن فيه لأن حقها وإن ثبت بعد حقوق الغرباء إلا أنه يستند إلى سبب متقدم وهو الوطء في النكاح فإن كانت لها عادة فيما تنقضي به عدتها ضاربت بالسكنى في تلك المدة فإن انقضت العدة فيما دون ذلك ردت الفاضل على الغرماء فإن زادت مدة العدة على العادة ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنها ترجع على الغرماء بما بقي لها كما ردت الفاضل إذا ألقت عدتها فيما دون العادة والثاني: لا ترجع عليهم لأن الذي استحقت الضرب به قدر عادتها والثالث: إن كانت عدتها بالإقراء لم ترجع لأن ذلك لا يعلم إلا من جهتها وهي متهمة وإن كانت بوضع الحمل أقامت البينة على وضع الحمل ورجعت عليهم لأنه لا يلحقها فيه تهمة فإن لم يكن لها عادة فيما تنقضي به عدتها ضربت معهم بأجرة أقل مدة


١ رواه البخاري في كتاب النكاح باب ١١١، ١١٢. مسلم في كتاب الحج حديث ٤٢٤. الترمذي في كتاب الرضاع باب ١٦. أحمد في مسنده ١/٢٢٢. بدون لفظ: "فإن ثالثهما الشيطان".

<<  <  ج: ص:  >  >>