للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: إذا ثار لها لبن على ولد من زوج فطلقها وتزوجت بآخر فاللبن للأول إلى أن تحبل من الثاني وينتهي إلى حال ينزل اللبن على الحبل فإن أرضعت طفلا كان ابنا للأول زاد اللبن أولم يزد انقطع ثم عاد أولم ينقطع لأنه لم يوجد سبب يوجب حدوث اللبن غير الأول فإن بلغ الحمل من الثاني إلى حال ينزل فيه اللبن نظرت فإن لم يزد اللبن فهو للأول فإن أرضعت به طفلاً كان ولداً للأول لأنه لم يتغير اللبن فإن زاد فارتضع به طفل ففيه قولان: قال في القديم هو ابنهما لأن الظاهر أن الزيادة لأجل الحبل والمرضع به لبنهما فكان ابنهما وقال في الجديد: هو ابن الأول لأن اللبن للأول يقين ويجوز أن تكون الزيادة لفضل الغذاء ويجوز أن تكون للحمل فلا يزال اليقين بالشك فإن انقطع اللبن ثم عاد في الوقت الذي ينزل اللبن على الحبل فأرضعت به طفلاً ففيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه ابن للأول لأن اللبن خلق غذاء للولد دون الحمل والولد للأول فكان المرضع به ابنه والثاني: أنه من الثاني لأن لبن الأول انقطع فالظاهر أنه حدث للحمل والحمل للثاني فكان المرضع باللبن ابنه والثالث أنه ابنهما لأن لكل واحد منهما أمارة تدل على أن اللبن له فجعل المرضع باللبن ابنهما فإن رضعت الحمل وأرضعت طفلاً كان ابناً للثاني في الأحوال كلها زاد اللبن أولم يزد اتصل أو انقطع ثم عاد لأن حاجة المولود إلى اللبن تمنع أن يكون اللبن لغيره.

فصل: وإن وطئ رجلان امرأة وطئاً يلحق به النسب فأتت بولد وأرضعت بلبنه طفلاً كان الطفل ابناً لمن يلحقه نسب الولد لأن اللبن تابع للولد فإن مات الولد ولم يثبت نسبه بالقافة ولا بالانتساب إلى أحدهما: فإن كان له ولد قام مقامه في الانتساب فإذا انتسب إلى أحدهما: صار المرضع ولد من انتسب إليه وإن لم يكن له ولد ففي المرضع بلبنه قولان: أحدهما: أنه ابنهما لأن اللبن قد يكون من الوطء وقد يكون من الولد والقول الثاني أنه لا يكون ابنهما لأن المرضع تابع للمناسب ولا يجوز أن يكون المناسب ابناً لاثنين فكذلك المرضع فعلى هذا هل يخير المرضع في الانتساب إلى أحدهما: فيه قولان: أحدهما: لا يخير لأنه لا يعرض على القافة فلا يخير بالانتساب والثاني: يخير لأن الولد قد يأخذ الشبه بالرضاع في الأخلاق ويميل طبعه إلى من ارتضع بلبنه ولهذا روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا أفصح العرب ولا فخر بيد أني من قريش ونشأت في بني سعد وارتضعت في بني زهرة". ولهذا يقال يحسن خلق الولد إذا حسن خلق المرضعة ويسوء خلقه إذا ساء خلقها فإذا قلنا أنه يخير فانتسب إلى أحدهما: كان ابنه من الرضاعة فإذا قلنا لا يخير فهل له أن يتزوج بنتيهما فيه ثلاثة أوجه: أحدهما: وهو الأصح أنه لا يحل له نكاح

<<  <  ج: ص:  >  >>