حق الصغير كالنفقة في حق الكبير ولا يجب إلا في حولين كاملين لقوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة: ٢٣٣] فإن كان الولد من زوجته وامتنعت من الإرضاع لم تجبر وقال أبو ثور تجبر لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} وهذا خطأ لأنها إذا لم تجبر على نفقة الولد مع وجود الأب لم تجبر على الرضاع وإن أرادت إرضاعه كره للزوج منعها لأن لبنها أوفق له وإن أراد منعها منه كان له ذلك لأنه يستحق الاستمتاع بها في كل وقت إلا في وقت العبادة فلا يجوز لها تفويته عليه بالرضاع وإن رضيا بإرضاعه فهل تلزمه زيادة على نفقتها فيه وجهان: أحدهما: تلزمه وهو قول أبي سعيد وأبي إسحاق لأنها تحتاج في حال الرضاع إلى أكثر مما تحتاج في غيره والثاني: لا تلزمه الزيادة على نفقتها في النفقة لأن نفقتها مقدرة فلا تجب الزيادة لحاجتها كما لا تجب الزيادة في نفقة الأكولة لحاجتها وإن أرادت إرضاعه بأجرة ففيه وجهان: أحدهما: لا يجوز وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني رحمة الله عليه لأن أوقات الرضاع مستحقة لاستمتاع الزوج ببدل وهو النفقة فلا يجوز أن تأخذ بدلاً آخر والثاني: أنه يجوز لأنه عمل يجوز أخذ الأجرة عليه بعد البينونة فجاز أخذ الأجرة عليه قبل البينونة كالنسج وإن بانت لم يملك إجبارها على إرضاعه كما لا يملك قبل البينونة فإن طلبت أجرة المثل على الرضاع ولم يكن للأب من يرضع بدون الأجرة كانت الأم أحق به لقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}[الطلاق: ٦] وإن طلبت أكثر من أجرة المثل جاز انتزاعه منها وتسليمه إلى غيرها لقوله تعالى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}[الطلاق: ٦] ولأن ما يوجد بأكثر من عوض المثل كالمعدوم ولهذا لو وجد الماء بأكثر من ثمن المثل جعل كالمعدوم في الانتقال إلى التيمم فكذلك ههنا وإن طلبت أجرة المثل وللأب من يرضعه بغير عوض أو بدون أجرة المثل ففيه قولان: أحدهما: أن الأم أحق بأجرة المثل لأن الرضاع لحق الولد ولأن لبن الأم أصلح له وأنفع وقد رضيت بعوض المثل فكان أحق والثاني: أن الأب أحق لأن الرضاع في حق الصغير كالنفقة في حق الكبير ولو وجد الكبير من يتبرع بإرضاعه لم يستحق على الأب أجرة الرضاع وإن ادعت المرأة أن الأب لا يجد غيرها فالقول قول الأب لأنها تدعي استحقاق أجرة المثل والأصل عدمه.
فصل: ويجب على المولى نفقة عبده وأمته وكسوتهما لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق". ويجب عليه نفقته من قوت البلد لأنه هو المتعارف فإن تولى طعامه استحب أن يطعمه منه لما