للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاشتراك طريقاً إلى إسقاط القصاص وسفك الدماء فإن اشترك جماعة في القتل وجناية بعضهم عمداً وجناية البعض خطأ لم يجب القصاص على واحد منهم لأنه لم يتمحض قتل العمد فلم يجب القصاص وإن اشترك الأب والأجنبي في قتل الابن وجب القصاص على الأجنبي لأن مشاركة الأب لم تغير صفة العمد في القتل فلم يسقط القود عن شريكه كمشاركة غير الأب وإن اشترك صبي وبالغ في القتل فإن قلنا عمد الصبي خطأ لم يجب القصاص على البالغ لأن شريكه مخطئ وإن قلنا إن عمده عمد وجب لأن شريكه عامد فهو كشريك الأب وإن جرح رجل نفسه وجرحه آخر أو جرحه سبع وجرحه آخر ومات ففيه قولان: أحدهما: يجب القصاص على الجارح لأنه شاركه في القتل عامداً فوجب عليه القصاص كشريك الأب والثاني: لا يجب لأنه إذا لم يجب على شريك المخطئ وجنايته مضمونة فلأن لا يجب على شريك الجارح نفسه والسبع وجنايتهما غير مضمونة أولى وإن جرحه رجل جراحة وجرحه آخر مائة جراحة وجب القصاص عليهما لأن الجرح له سراية في البدن وقد يموت من جرح واحد ولا يموت من جراحات فلم تمكن إضافة القتل إلى واحد بعينه ولا يمكن إسقاط القصاص فوجب على الجميع وإن قطع أحدهما: يده وجز الآخر رقبته أو قطع حلقومه ومريئه أو شق بطنه فأخرج حشوته فالأول قاطع يجب عليه ما يجب على القاطع والثاني: قاتل لأن الثاني قطع سراية القطع فصار كما لو اندمل الجرح ثم قتله الآخر وإن قطع أحدهما: حلقومه ومريئه أو شق بطنه وأخرج حشوته ثم حز الآخر رقبته فالقاتل هو الأول لأنه لا تبقى بعد جنايته حياة مستقرة وإنما يتحرك حركة مذبوح ولهذا يسقط حكم كلامه في الإقرار والوصية والإسلام والتوبة وإن أجافه جائفة يتحقق الموت منها إلا أن الحياة فيه مستقرة ثم قتله الآخر كان القاتل هو الثاني لأن حكم الحياة باق ولهذا أوصى عمر رضي الله عنه بعد ما سقى اللبن وخرج من الجرح ووقع الأياس منه فعمل بوصيته فجرى مجرى المريض الميؤوس منه إذا قتل وإن جرحه رجل فداوى جرحه بسم غير موح إلا أنه يقتل في الغالب أو خاط جرحه في لحم حي أو خاف التآكل فقطعه فمات ففي وجوب القتل على الجاني طريقان: من أصحابنا من قال فيه قولان: أحدهما: يجب عليه القتل والثاني: لا يجب لأنه شاركه في

<<  <  ج: ص:  >  >>