للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصلية فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم قال: "ارفعوا أيديكم فإنها قد أخبرتني أنها مسمومة". فأرسل إلى اليهودية فقال: "ما حملك على ما صنعت". قالت: قلت إن تكن نبياً لم يضرك الذي صنعت وإن كنت ملكاً أرحت الناس منك فأكل منها بشر بن البراءة بن معرور فمات فأرسل عليها فقتلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت بخيبر فهذا أو أن انقطاع أبهري". ولأنه سبب يفضي إلى القتل غالباً فصار كالقتل بالسلاح وإن سقاه سماً وادعى أنه لم يعلم أنه قاتل ففيه قولان: أحدهما: أنه يجب عليه القود لأن السم يقتل غالباً والثاني: لا يجب لأنه يجوز أن يخفى عليه أنه قاتل وذلك شبهة فسقط بها القود.

فصل: وإن قتله بسحر يقتل غالباً وجب عليه القود لأنه قتله بما يقتل غالباً فأشبه إذا قتله بسكين وإن كان مما يقتل ولا يقتل لم يجب القود لأنه عمد خطأ فهو كما لو ضربه بعصاً فمات.

فصل: وإن أكره رجل على قتل رجل بغير حق فقتله وجب القود على المكره لأنه تسبب إلى قتله بمعنى يفضي إلى القتل غالباً فأشبه إذا رماه بسهم فقتله وأما المكره ففيه قولان: أحدهما: لا يجب عليه القود لأنه قتله للدفع عن نفسه فلم يجب عليه القود كما لو قصده رجل ليقتله فقتله للدفع عن نفسه والثاني: أنه يجب عليه القود وهو الصحيح لأنه قتله ظلماً لاستبقاء نفسه فأشبه إذا اضطر إلى الأكل فقتله ليأكله وإن أمر الإمام بقتل رجل بغير حق فإن كان المأمور لا يعلم أن قتله بغير حق وجب ضمان القتل من الكفارة والقصاص والدية على الإمام لأن المأمور معذور في قتله لأن الظاهر أن الإمام لا يأمر إلا بالحق وإن كان يعلم أنه يقتله بغير حق وجب ضمان القتل من الكفارة والقصاص أو الدية على المأمور لأنه لا يجوز طاعته فيما لا يحل والدليل عليه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" ١. وقد روى الشافعي رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أمركم من الولاة بغير طاعة الله فلا تطيعوه" ٢. فصار كما لو قتله بغير أمره وإن أمره بعض الرعية بالقتل فقتل وجب على المأمور القود علم أنه يقتله بغير حق أولم


١ رواه أحمد في مسنده ٥/٦٦.
٢ رواه ابن ماجه في كتاب الجهاد باب ٤٠. أحمد في مسنده ٣/٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>