يقتص غير الإمام كما قال المزني وحمل قول الشافعي رحمة الله عليه على الإمام وقال عامة أصحابنا: يقتص المناسب لأن القصد من القصاص التشفي ودرك الغيظ والذي يتشفى هو المناسب ويجوز أن يثبت القصاص لمن لا يرث شيئاً كما لو قتل من له وارث وعليه دين محيط بالتركة فإن القصاص للوارث وإن لم يرث شيئاً وإن كان الوارث صغيراً أو مجنوناً لم يستوف له الولي لأن القصد من القصاص التشفي ودرك الغيظ وذلك لا يحصل باستيفاء الولي ويحبس القاتل إلى أن يبلغ الصغير أو يعقل المجنون لأن فيه حظاً للقاتل بأن لا يقتل وفيه حظاً للمولى عليه ليحصل له التشفي فإن أقام القاتل كفيلاً ليخلي لم يجز تخليته لأن فيه تغريراً بحق المولى عليه بأن يهرب فيضيع الحق وإن ركب الصبي أو المجنون على القاتل فقتله ففيه وجهان: أحدهما: أن يصير مستوفياً لحقه كما لو كانت له وديعة عند رجل فأتلفها والثاني: لا يصير مستوفياً لحقه وهو الصحيح لأنه ليس من أهل استيفاء الحقوق ويخالف الوديعة فإنها لو تلفت من غير فعل برئ منها المودع ولو هلك الجاني من غير فعل لم يبرأ من الجناية وإن كان القصاص بين صغير وكبير لم يجز للكبير أن يستوفي وإن كان بين عاقل ومجنون لم يجز للعاقل أن يستوفي لأنه مشترك بينهما فلا يجوز لأحدهما: أن ينفرد به فإن قتل من لا وارث له كان القصاص للمسلمين واستيفاؤه إلى السلطان وإن كان له من يرث منه بعض القصاص كان استيفاؤه إلى الوارث والسلطان ولا يجوز لأحدهما: أن ينفرد به لما ذكرناه.
فصل: وإن قتل رجل وله اثنان من أهل الاستيفاء فبدر أحدهما: وقتل القاتل من غير إذن أخيه ففيه قولان: أحدهما: لا يجب عليه القصاص وهو الصحيح لأن له في قتله حقاً فلا يجب عليه القصاص بقتله كما لا يجب الحد على أحد الشريكين في وطء الجارية المشتركة والثاني: يجب عليه القصاص لأنه اقتص في أكثر من حقه فوجب عليه القصاص كما لو وجب له القصاص في طرفه فقتله ولأن القصاص يجب بقتل بعض النفس إذا عرى عن الشبهة ولهذا يجب على كل واحد من الشريكين في القتل وإن كان قاتلاً لبعض النفس والنفس والنصف الذي لأخيه لا شبهة فيه فوجب القصاص عليه بقتله وإن عفا أحدهما: عن حقه من القصاص ثم قتله الآخر بعد العلم بالعفو نظرت فإن كان بعد حكم الحاكم بسقوط القود عنه وجب عليه القصاص لأنه لم يبق له شبهة وإن كان قبل حكم الحاكم بسقوط القود عنه فإن قلنا يجب عليه القود إذا قتله قبل العفو فلأن يجب عليه إذا قتله بعد العفو أولى وإن قلنا لا يجب عليه قبل العفو ففيما بعد العفو قولان: