يتجنب النجاسة في قعوده وسجوده تجافى عن النجاسة وتجنبها في قعوده وأما في السجود إلى الحد الذي لو زاد لاقى النجاسة ولا يسجد على الأرض لأن الصلاة قد تجزئ مع الإيماء ولا تجزئ مع النجاسة وإذا قدر ففيه قولان: قال في القديم: لا يعيد لأنه صلى على حسب حاله فهو كالمريض وقال في الإملاء: بعيد لأنه ترك الفرض لعذر نادر غير متصل فلم يسقط الفرض عنه كما لو ترك السجود ناسياً وإذا عاد ففي الفرض أقوال: قال في الأم: الفرض هو الثاني لأن الفرض به يسقط وقال في القديم: الفرض هو الأول لأن الإعادة مستحبة غير واجبة في القديم وقال في الإملاء: الجميع فرض لأن الجميع يجب فعله فكان الجميع فرضاً وخرج أبو إسحاق قولاً رابعاً إن الله تعالى يحسب له بأيتهما شاء قياساً على ما قال في القديم فيمن صلى الظهر ثم سعى إلى الجمعة فصلاها إن الله تعالى يحسب له بأيتهما شاء.
فصل: إذا فرغ من الصلاة ثم رأى على بدنه أو ثوبه أو موضع صلاته نجاسة غير معفو عنها نظرت فإن كان جوز أن يكون حدث بعد الفراغ من الصلاة لم يلزمه الإعادة لأن الأصل أنها لم تكن في حال الصلاة فلم تجب الإعادة بالشك كما لو توضأ من بئر وصلى ثم وجد في البئر فأرة فإن علم أنها كانت الصلاة فإن كان قد علم أنها قبل الدخول في الصلاة لزمته الإعادة لأنه فرط في تركها وإن لم يعلم بها حتى فرغ من الصلاة ففيه قولان: قال في القديم: لا يعيد لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه في الصلاة وخلع الناس نعالهم فقال: مالكم خلعتم نعالكم؟ فقالوا رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا فقال: أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن فيهما قذرا أو قال دم حلمة فلو لم تصح الصلاة لاستأنف الإحرام وقال في الجديد: يلزمه الإعادة لأنها طهارة واجبة فلا تسقط بالجهل كالوضوء.
فصل: ولا يصلي في مقبرة لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام١" فإن صلى في مقبرة نظرت فإن كانت
١ رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب ٢٤. الترمذي في كتاب المواقيت باب ١١٩. ابن ماجه في كتاب المساجد باب ٤. أحمد في مسنده "٣/٨٣،٨٦".