كالنفس في الدية المغلظة والدية المخففة لأنه كالنفس في وجوب القصاص والدية فكان كالنفس في الدية المغلظة والدية المخففة.
فصل: وتجب الدية من الصنف الذي يملكه من تجب عليه الدية من القاتل أو العاقلة كما تجب الزكاة من الصنف الذي يملكه من تجب عليه الزكاة وإن كان عند بعض العاقلة من البخاتي وعند البعض من العراب أخذ من كل واحد منهم من الصنف الذي عنده وإن اجتمع في ملك كل واحد منهم صنفان ففيه وجهان: أحدهما: أنه يؤخذ من الصنف الأكثر فإن استويا دفع مما شاء منهما والثاني: يؤخذ من كل صنف بقسطه بناء على القولين فيمن وجبت عليه الزكاة وما له أصناف وإن لم يكن عند من تجب عليه الدية إبل وجب من غالب إبل البلد فإن لم يكن في البلد إبل وجب من غالب أقرب البلاد إليه كما قلنا في زكاة الفطر وإن كانت إبل من تجب عليه الدية مراضاً أو عجافاً كلف أن يشتري إبلاً صحاحاً من النصف الذي عنده لأنه بدل متلف من غير جنسه فلا يؤخذ فيها معيب كقيمة الثوب المتلف وإن أراد الجاني دفع العوض عن الإبل مع وجودها لم يجبر الولي على قبوله وإن أراد الولي أخذ العوض عن الإبل مع وجودها لم يجبر الجاني على دفعه لأن ما ضمن لحق الآدمي ببدل لم يجز الإجبار فيه على دفع العوض ولا على أخذه مع وجوده كذوات الأمثال وإن تراضيا على العوض جاز لأنه بدل متلف فجاز أخذ العوض فيه بالتراضي كالبدل في سائر المتلفات.
فصل: وإن أعوزت الإبل أو وجدت بأكثر من ثمن المثل ففيه قولان: قال في القديم يجب ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم لما روى عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن في النفس مائة من الإبل وعلى أهل الذهب ألف مثقال وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم وروى ابن عباس رضي الله عنه أن رجلاً قتل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفاً فعلى هذا إن كان في قتل يوجب التغليظ غلظ بثلث الدية لما رويناه عن عمر وعثمان وابن عباس في تغليظ الدية للحرم وقال في الجديد تجب قيمة الإبل بالغة ما بلغت لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة ديناراً وثمانية آلاف درهم وكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر رضي الله عنه فقام عمر خطيباً فقال: ألا إن الإبل قد غلت قال فقوم على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاء ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة ولأن ما ضمن بنوع من المال وتعذر وجبت قيمته كذوات الأمثال.