للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دية النفس وإن قتل عمداً أو جنى على طرفه عمداً لم تحمل العاقلة ديته لأن الخبر ورد في الحمل عن القاتل في عمد الخطأ تخفيفاً عنه لأنه لم يقصد القتل والعامد قصد القتل فلم يلحق به في التخفيف وإن وجب له القصاص في الطرف فاقتص بحديدية مسمومة فمات فعليه نصف الدية وهل تحمل العاقلة ذلك أم لا؟ فيه وجهان: أحدهما: تحمله لأنها حكمنا بأنه ليس بعمد محض والثاني: لا تحمله لأنه قصد القتل بغير حق فلم تحمل العاقلة عنه وإن وكل من يقتص له في النفس ثم عفا وقتل الوكيل ولم يعلم بالعفو وقلنا إن العفو يصح ووجبت الدية على الوكيل فهل تحملها العاقلة فيه وجهان: أحدهما: وهو قول أبي إسحاق أنه لا تحملها العاقلة وهو صحيح لأنه تعمد القتل فلم تحمل العاقلة عنه كما لو قتله بعد العلم بالعفو والثاني: وهو قول أبي علي بن أي هريرة أنه تحمله العاقلة لأنه لم يقصد الجناية.

فصل: وإن قتل عبداً خطأ أو عمد خطأ ففيه قيمته قولان: أحدهما: أنها تحملها العاقلة لأنه يجب القصاص والكفارة بقتله فحملت العاقلة بدله كالحر والثاني: أنه لا تحمله العاقلة لأنه مال فلم تحمل العاقلة بدله كسائر الأموال.

فصل: ومن قتل نفسه خطأ لم تجب الدية بقتله ولا تحمل العاقلة ديته لما روي أن عوف بن مالك الأشجعي ضرب مشركاً بالسيف فرجع السيف عليه فقتله فأمتنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه وقالوا قد أبطل جهاده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل مات مجاهداً". ولو وجبت الدية على عاقلته لبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.

فصل: وما يجب بخطأ الإمام من الدية بالقتل ففيه قولان: أحدهما: يجب على عاقلته لما روي أن عمر رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه في جنين المرأة التي بعث إليها عزمت عليك أن لا تبرح حتى تقسمها على قومك والثاني: يجب في بيت المال لأن الخطأ يكثر منه في أحكامه واجتهاده فلو أوجبنا ما يجب بخطئه على عاقلته أجحفنا بهم فإذا قلنا أنه يجب على عاقلته وجبت الكفارة في ماله كغير الإمام وإذا قلنا إنها تجب في بيت المال ففي الكفارة وجهان: أحدهما: أنها تجب في ماله لأنها لا تتحمل والثاني: أنها تجب في بيت المال لأنه يكثر خطؤه فلو أوجبنا في ماله أجحفنا به.

فصل: وما يجب بجناية العمد يجب حالاً لأنه بدل متلف لا تتحمله العاقلة بحال فوجب حالاً كغرامة المتلفات وما يجب بجناية الخطأ وشبه العمد من الدية يجب مؤجلاً فإن كانت دية كاملة وجبت في ثلاث سنين لأنه روي ذلك عن عمر وابن عباس رضي الله عنهما ويجب في كل سنة ثلثها فإن كان دية نفس كان ابتداء الأجل من وقت

<<  <  ج: ص:  >  >>