وإن كان فيهم من يدلي بالأبوين وفيهم من يدلي بالأب ففيه قولان: أحدهما: أنهما سواء لتساويهما في قرابة الأب لأن الأم لا مدخل لها في النصرة وحمل الدية فلا يقدم بها والثاني: يقدم من يدلي بالأبوين على من يدلي بالأب لأنه حق يستحق بالتعصيب فقدم من يدلي بالأبوين على من يدلي بالأب كالميراث فإن أمكن أن يقسم ما يجب على الأقربين منهم لم يحمل على من بعدهم وإن لم يمكن أن يقسم على الأقربين لقلة عددهم قسم ما فضل على من بعدهم على الترتيب فإن كان القاتل من بني هاشم قسم عليهم فإن عجزوا دخل معهم بنو عبد مناف فإن عجزوا دخل معهم بنو قصي ثم كذلك حتى تستوعب قريش ولا يدخل معهم غير قريش لأن غيرهم لا ينسب إليهم وإن غاب الأقربون في النسب وحضر الأبعدون ففيه قولان: أحدهما: يقدم الأقربون في النسب لأنه حق يستحق بالتعصيب فقدم فيه الأقربون في النسب كالميراث والثاني: يقدم الأقربون في الحضور على الأقربين في النسب لأن تحمل العاقلة على سبيل النصرة والحاضرون أحق بالنصرة من الغيب فعلى هذا إن كان القاتل بمكة وبعض العاقلة بالمدينة وبعضهم بالشام قدم من بالمدينة على من بالشام لأنهم أقرب إلى القاتل وإن استوت جماعة في النسب وبعضهم حضور وبعضهم غيب ففيه قولان: أحدهما: يقدم الحضور لأنهم أقرب إلى النصرة والثاني: يسوي بين الجميع كما يسوي في الميراث وإن كثرت العاقلة وقل المال المستحق بالجناية بحيث إذا قسم عليهم خص المتوسط دون ربع دينار والغني دون نصف دينار ففيه قولان: أحدهما: أن الحاكم يقسمه على من يرى منهم لأن في تقسيط القليل على الجميع مشقة والثاني: هو الصحيح أنه يقس على الجميع لأنه حق يستحق بالتعصيب فقسم قليله وكثيره بين الجميع كالميراث.
فصل: وإن جنى عبد على حر أو عبد جناية توجب المال تعلق المال برقبته لأنه لا يجوز إيجابه على المولى لأنه لم يوجد منه جناية ولا يجوز تأخيره إلى أن يعتق لأنه يؤدي إلى إهدار الدماء فتعلق برقبته والمولى بالخيار بين أن يبيعه ويقضي حق الجناية من ثمنه وبين أن يفديه ولا يجب عليه تسليم العبد إلى المجني عليه لأنه ليس من جنس حقه وإن اختار بيعه فباعه فإن كان الثمن بقدر مال الجناية صرفه فيه وإن كان أكثر قضى ما عليه والباقي للمولى وإن كان أقل لم يلزم المولى ما بقي لأن حق المجني عليه لا يتعلق بأكثر من الرقبة فإن اختار أن يفديه ففيه قولان: أحدهما: يلزمه أن يفديه بأقل الأمرين من أرش الجناية أو قيمة العبد لأنه لا يلزمه ما زاد على واحد منهما والقول الثاني: يلزمه أرش الجناية بالغاً أو يسلمه للبيع لأنه قد يرغب فيه راغب فيشتريه بأكثر من