فصل: وإن ارتدت طائفة وامتنعت بمنعة وجب على الإمام قتالها لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قاتل المرتدة ويتبع في الحرب مدبرهم ويذفف على جريحهم لأنه إذل وجب ذلك في قتال أهل الحرب فلأن يجب ذلك في قتال المرتدة وكفرهم أغلظ أولى وإن أخذ منهم أسير استتيب فإن تاب وإلا قتل لأنه لا يجوز إقراره على الكفر.
فصل: ومن أتلف منهم نفساً أو مالاً على مسلم فإن كان ذلك في غير القتال وجب عليه ضمانه لأنه التزم ذلك بالإقرار بالإسلام فلم يسقط عنه بالجحود كما لا يسقط عنه ما التزمه بالإقرار عند الحاكم بالحجود فإن أتلف ذلك في حال القتال ففيه طريقان: أحدهما: وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني وغيره من البغداديين أنه على قولين كما قلنا في أهل البغي والثاني: وهو قول القاضي أبي حامد المروروذي وغيره من البصريين أنه يجب عليه الضمان قولاً واحداً لأنه لا ينفذ قضاء قاضيهم فكان حكمهم في الضمان حكم قاطع الطريق ولأول وهو الصحيح أنه على قولين أصحهما أنه لا يجب الضمان لما روى طارق بن شهاب قال: جاء وفد بزاخة وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح فقال: تدون قتلانا وقتلاكم في النار فقال عمر: إن قتلانا قتلوا على أملا الله ليس لهم ديات فتفرق الناس على رأي عمر رضي الله عنه.
فصل: وللسحر حقيقة وله تأثير في إيلام الجسم وإتلافه وقال أبو جعفر الإستراباذي من أصحابنا من قال لا حقيقة ولا تأثير له والمذهب الأول لقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}[الفلق: ٤] والنفاثات السواحر ولو لم يكن للسحر حقيقة لما أمر بالاستعاذة من شره وروت عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنه ليخيل إليه أنه قد فعل الشيء وما فعله ويحرم فعله لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من سحر أو سحر له وليس منا من تكهن أو تكهن له وليس منل من تطير أو تطير له". ويحرم تعلمه لقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ