وإذا أراد الغز وبدأ بالأهم فالأهم لقوله عز وجل:{قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ}[التوبة: ١٢٣] فاذا استوت الجهاد في الخوف اجتهد وبدأ بأهمها عنده.
فصل: وإذا أراد الخروج عرض الجيش ولا يأذن لمخذل ولا لمن يعاون الكفار بالمكاتبة لقوله عز وجل: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ}[التوبة: ٤٧] قيل في التفسير لأوقعوا بينكم الاختلاف وقيل وشرعوا في تفريق جمعكم ولأن في حضورهم إضرارا بالمسلمين ولا نستعين بالكفار من غير حاجة الله لما روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فقال له: "تؤمن بالله ورسوله قال: لا قال: فارجع فلن أستعين بمشرك" ١. فان احتاج أن يستعين بهم فإن لم يكن من يستعين به حسن الرأي في المسلمين لم نستعن به لأن ما يخاف من الضرر بحضورهم أكثر مما يرجى من المنفعة وإن كان حسن الرأي في المسلمين جاز أن نستعين بهم لأن صفوان بن أمية شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شركه حرب هوازن وسمع رجلا يقول غلبت هوازن وقتل محمد فقال بفيك الحجر لرب من قريش أحب إلي من رب من هوازن وإن احتاج إلى أن يستأجرهم جاز لأنه لا يقع الجهاد له وفي القدر الذي يستأجر به وجهان: أحدهما: لا يجوز له أن تبلغ الأجرة سهم راجل لأنه ليس من أهل فرض الجهاد فلا يبلغ حقه سهم راجل كالصبي والمرأة والثاني: وهو المذهب أنه يجوز لأنه عوض في الإجارة فجاز أن يبلغ قدر سهم الراجل كالأجرة في سائر الإجارات ويجوز أن يأذن للنساء لما روت الربيع بنت معوذ قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخدم القوم ونسقيهم الماء ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة ويجوز أن يأذن لمن اشتد
١ رواه أبو داود في كتاب الجهاد باب ١٤٢. ابن ماجه في كتاب الجهاد باب ٢٧. الدارمي في كتاب السير باب ٥٣. أحمد في مسنده ٦/٦٨.