الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها سأله الله تعالى عن قتلها قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: أن تذبحها فتأكلها ولا تقطع رأسها فترمي بها" ١ وإن دعت إلى قتله ضرورة بأن كان الكفار لا خيل لهم وما أصابه المسلمون خيل وخيف أن يأخذوه ويقاتلونا علي جاز قتله لأنه إذا لم يقتل أخذه الكفار وقاتلوا به المسلمين.
فصل: إذا سرق بعض الغانمين نصاباً من الغنيمة فإن كان قبل إخراج الخمس لم يقطع لمعنيين أحدهما: أن له حقاً في خمسها والثاني: أن له حقاً في أربعة أخماسها وإن سرق بعد إخراج الخمس نظرت فإن سرق من الخمس لم يقطع لأن له حقاً فيه وإن سرق من أربعة أخماسها نظرت فإن سرق قدر حقه أو دونه لم يقطع لأن له في ذلك القدر شبهة وإن كان أكثر من حقه ففيه وجهان: أحدهما: أنه يقطع لأنه لا شبهة له في سرقة النصاب والثاني: أنه لا يقطع لأن حقه شائع في الجميع فلم يقطع فيه وإن كان السارق من غير الغانمين نظرت فإن كان قبل إخراج الخمس لم يقطع لأن له حقاً في خمسها وإن كان بعد أخراج الخمس فإن سرق من الخمس لم يقطع لأن فيه حقاً وإن سرق ذلك من أربعة أخماسها فإن كان في الغانمين من للسارق شبهة في ماله كالأب والابن لم يقطع لأن له شبهة فيما سرق وإن لم يكن له فيهم من له شبهة في ماله قطع لأنه لا شبهة له فيما سرق.
فصل: وإن وطئ بعض الغانمين جارية من الغنيمة لم يجب عليه الحد وقال أبو ثور: يجب وهذا خطأ لأن له فيها شبهة وهو حق التملك ويجب عليه المهر لأنه وطء يسقط فيه الحد على الموطوءة للشبهة فوجب المهر على الواطئ كالوطء في النكاح الفاسد وإن أحبلها ثبت النسب للولد وينقد الولد حراً للشبهة وهل تقسم الجارية في الغنيمة أو تقوم على الواطئ فيه طريقان: من أصحابنا من قال: إن قلنا إنه إذا ملكها صارت أم ولد قومت عليه وإن قلنا إنها لا تصير أم ولد له لم تقوم عليه وقال أبو إسحاق تقوم على القولين لأنه لا يجوز قمستها كما لا يجوز بيعها ولا يجوز تأخير القسمة لأن فيه إضراراً بالغانمين فوجب أن تقوم وإن وضعت فهل تلزمه قيمة الولد ينظر فيه فإن كان قد قومت عليه لم تلزمه لأنها تضع في ملكه وإن لم تكن قومت عليه لزمه قيمة الولد لأنها وضعته في غير ملكه.
١ رواه النسائي في كتاب الضحايا باب ٤٢. الدارمي في كتاب الأضاحي باب ١٦. أحمد في مسنده ٣/١٦٦، ١٩٧.