والدليل عليه ما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله ولا يشرك به شيء وجعل الصغار والذل على من خالف أمري". فوجب أن يتميزوا عن المسلمين لنستعمل مع كل واحد منهم ما ندبنا إليه وإن شرط عليهم الجمع بين الغيار والزنار أخذوا بهما وإن شرط أحدهما: أخذوا به لأن التمييز يحصل بأحدهما: ويجعل في أعناقهما خاتم ليتميزوا به عن المسلمين في الحمام وفي الأحوال التي يتجردون فيها عن الثياب ويكون ذلك من حديد أو رصاص أو نحوهما ولا يكون من ذهب أو فضة لأن في ذلك إعظاماً لهم وإن كان لهم شعر أمروا بجز النواصي ومنعوا من إرساله كما تصنع الأشراف والأخيار من المسلمين لما روى عبد الرحمن بن غنم في كتاب عمر على نصارى الشام وشرطنا أن نجز مقادم رؤوسنا ولا يمنعون من لبس العمائم والطيلسان لأن التمييز يحصل بالغيار والزنار وهل يمنعون من لبس الديباج؟ فيه وجهان: أحدهما: أنهم يمنعون لما فيه من التجبر والتفخيم والتعظيم والثاني: أنهم لا يمنعون كما لا يمنعون من لبس المرتفع من القطن والكتان وتؤخذ نساؤهم بالغيار والزنار لما روى أن عمر كتب إلى أهل الآفاق أن مروا نساء أهل الأديان أن يعقدن زنانيرهن وتكون زنانيرهن تحت الإزار لأنه إذا كان فوق الإزار انكشفت رؤوسهن واتصفت أبدانهن ويجعلن في أعناقهن خاتم حديد ليتميزن به عن المسلمات في الحمام كما قلنا في الرجال وإن لبسن الخفاف جعلن الخفين من لونين ليتميزن عن النساء المسلمات ويمنعون من ركوب الخيل لما روي في حديث عبد الرحمن بن غنم شرطنا أن لا نتشبه بالمسلمين في مراكبهم وإن ركبوا الحمير والبغال ركبوها على الأكف دون السروج ولا يتقلدون السيوف ولا يحملون السلاح لما روى عبد الرحمن بن غنم في كتاب عمر ولا نركب بالسروج ولا نتقلد بالسيوف ولا نتخذ شيئاً من السلاح ولا نحمله ويركبون عرضاً من جانب واحد لما روى ابن عمر أن عمر كان يكتب إلى عماله يأمرهم أن يجعل أهل الكتاب المناطق في أوساطهم وأن يركبوا الدواب عرضاً على شق.
فصل: ولا يبدؤون بالسلام ويلجئون إلى أضيق الطرق لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدؤوهم بالسلام واضطروهم إلى أضيقها" ١. ولا يصدرون في المجالس لما روى عبد الرحمن بن غنم في