للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحد". ولم يذكر النفي ولأن القصد بالتغريب تعذيبه بالإخراج عن الأهل والمملوك لا أهل له والقول الثاني: أنه يغرب وهو الصحيح لقوله عز وجل: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} ولأنه حد يتبعض فوجب على العبد كالجلد فإن قلنا إنه يغرب ففي قدره قولان: أحدهما: أنه يغرب سنة لأنها مدة مقدرة بالشرع فاستوى فيها الحر والعبد كمدة العنين والثاني: أنه يغرب نصف سنة للآية ولأنه حد يتبعض فكان العبد فيه على النصف من الحر كالجلد.

فصل: وإن زنى وهو بكر فلم يحد حتى أحصن وزنى ففيه وجهان: أحدهما: أنه يرجم ويدخل فيها الجلد والتغريب لأنهما حدان يجبان بالزنا فتداخلا كما لو وجب حدان وهو بكر والثاني: أنه لا يدخل فيه لأنهما حدان مختلفان فلم يدخل أحدهما: في الآخر كحد السرقة والشرب فعلى هذا يجلد ثم يرجم ولا يغرب لأن التغريب يحصل بالرجم.

فصل: والوطء الذي يجب به الحد أن يغيب الحشفة في الفرج فإن أحكام الوطء تتعلق بذلك ولا تتعلق بما دونه وما يجب بالوطء في الفرج من الحد يجب بالوطء في الدبر لأنه فرج مقصود فتعلق الحد بالإيلاج فيه كالقبل ولأنه إذا وجب بالوطء في القبل وهو مما يستباح فلأن يجب بالوطء في الدبر وهو مما لا يستباح أولى.

فصل: ولا يجب على الصبي والمجنون حد الزنا لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق". ولأنه إذا سقط عنه التكليف في العبادات والمآثم في المعاصي فلأن يسقط الحد ومبناه على الدرء والإسقاط أولى وفي السكران قولان وقد بيناهما في الطلاق.

فصل: ولا يجب على المرأة إذا أكرهت على التمكين من الزنا لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". ولأنها مسلوبة الإختيار فلم يجب عليها الحد كالنائمة وهل يجب على الرجل إذا أكره على الزنا فيه وجهان ك أحدهما: وهو المذهب أنه لا يجب عليه لما ذكرناه في المرأة والثاني: أنه يجب لأن الوطء لا يكون إلا بالانتشار الحاث عن الشهوة والاختيار.

فصل: ولا يجب على من لا يعلم تحريم الزنا لما روى سعيد بن المسيب قال: ذكر الزنا بالشام فقال رجل: زنيت البارحة فقالوا ما تقول قال: ما علمت أن الله عز وجل حرمه فكتب يعني عمر إن كان يعلم أن الله حرمه فخذوه وإن لم يكن قد علم فأعلموه فإن عاد فارجموه وروي أن جارية سوداء رفعت إلى عمر رضي الله عنه وقيل إنها زنت فخفقها بالدرة خفقات وقال: أي لكاع زنيت؟ فقالت: من غوش بدرهمين تخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>