فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إذا زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر" ١. فأمر بالجلد دون النفي والثاني: وهو المذهب أن له من يغرب لحديث علي كرم الله وجهه ولأن ابن عمر جلد أمة له زنت ونفاها إلى فدك ولأن من ملك الجلد ملك النفي كالإمام وإن ثبت عليه الحد بالبينة ففيه وجهان: أحدهما: أنه يجوز أن يقيم عليه الحد وهو المذهب لأنا قد جعلناه في حقه كالإمام وكذلك في إقامة الحد عليه بالبينة والثاني: أنه لا يجوز لأنه يحتاج إلى تزكية الشهود وذلك إلى الحاكم فعلى هذا إذا ثبت عند الحاكم بالبينة جاز للسيد أن يقيم الحد من غير إذنه وهل له أن يقطعه في السرقة؟ فيه وجهان: أحدهما: أحدهما: أنه لا يملك لأنه لا يملك من جنس القطع ويملك من الجلد وهو التعزير والثاني: أنه يملك وهو المنصوص في البويطي لحديث علي كرم الله وجهه لأن ابن عمر قطع عبداً له سرق وقطعت عائشة رضي الله عنها أمة لها سرقت ولأنه حد فملك السيد إقامته على مملوكه كالجلد وله أن يقتله بالردة على قول من ملك إقامة الحد على العبد وعلى قول من منع من القطع يجب أن لا يجوز له القتل والصحيح أن له أن يقتله لأن حفصة رضي الله عنها قتلت أمة لها سحرتها والقتل بالسحر لا يكون إلا في كفر ولأنه حد فملك المولى إقامته على المملوك كسائر الحدود وإن كان المولى فاسقاً ففيه وجهان: أحدهما: أنه يملك إقامة الحد لأنه ولاية تثبت بالملك فلم يمنع الفسق منها كتزويج الأمة والثاني: أنه لا يملكه لأنه ولاية في إقامة الحد فمنع الفسق منها كولاية الحاكم وإن كانت امرأة فالمذهب أنه يجوز لها إقامة الحد لأن الشافعي بأن فاطمة رضي الله عنها جلدت أمة لها زنت وقال أبوعلي بن أبي هريرة لا يجوز لها لأنها ولاية على الغير فلا تملكها المرأة كولاية التزويج فعلى هذا فيمن يقيم وجهان: أحدهما: أنه يقيمه وليها في النكاح قياساً على تزويج أمتها والثاني: أنه يقيمه عليها الإمام لأن الأصل في إقامة الحد هو الإمام فإذا سقطت ولاية المولى ثبت الأصل وإن كان للمولى مكاتب ففيه وجهان ذكرناهما في الكتابة.
فصل: المستحب أن يحضر إقامة الحد جماعة لقوله عز وجل: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢] والمستحب أن يكونوا أربعة لأن الحد يثبت بشهادتهم فإن كان الحد هو الجلد وكان صحيحاً قوياً والزمان معتدل أقام الحد ولا يجوز تأخيره فإن القرض لا يجوز تأخيره من غير عذر ولا يجرد ولا يمد لما روي عن عبد الله بن
١ رواه البخاري في كتاب البيوع باب ٦٦. في كتاب الحدود حديث ٣٠. أبو داود في كتاب الحدود باب ٣٢. الترمذي في كتاب الحدود باب ١٣.