للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل لست بابن فلان فهو قذف وقال في الزوج إذا قال للولد الذي أقر به لست بابني أنه ليس بقذف واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال إن أراد القذف فهو قذف في المسألتين وإن لم يرد القذف فليس بقذف في المسألتين وحمل جوابه في المسألتين على هذين الحالين ومن أصحابنا من نقل جوابه في كل واحدة منهما إلى الأخرى وجعلها على قولين: أحدهما: أنه ليس بقذف فيها لجواز أن يكون معناه لست بابن فلان او لست بابني خلقاً او خلقاً والثاني: أنه قذف لأن الظاهر منه النفي والقذف ومن أصحابنا من قال: ليس بقذف من الزوج وهو قذف من الأجنبي لأن الأب يحتاج إلى تأديب ولده فيقول: لست بابني مبالغة في تأديبه والاجنبي غير محتاج إلى تأديبه فجعل قذفا منه.

فصل: وإن قال لعربي يا نبطي فإن أراد نبطي اللسان أو نبطي الدار لم يكن قذفاً وإن أراد نفي نسبه من العرب ففيه وجهان: أحدهما: أنه ليس بقذف لأن الله تعالى علق الحد على الزنا فقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤] وشهادة الأربعة يحتاج إليها في إثبات الزنا والثاني: أنه يجب به الحد لما روى الأشعث بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا أوتى برجل يقول إن كنانة ليست من قريش إلا جلدته". وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لا حد إلا في اثنين قذف محصنة ونفي رجل من أبيه.

فصل: ومن لا يجب عليه الحد لعدم إحصان المقذوف أو للتعريض بالقذف من غير نية عزر لأنه آذى من لا يجوز أذاه وإن قال لامرأته استكرهت على الزنا ففيه وجهان: أحدهما: أنه يعزر لأنه يلحقها بذلك عار عند الناس والثاني: أنه لا يعزر لأنه لا عار عليها في الشريعة بما فعل بها مستكرهة.

فصل: وما يجب بالقذف من الحد أو التعزير بالأذى فهو حق للمقذوف يستوفي إذا طالب به ويسقط إذا عفى عنه والدليل عليه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان يقول تصدقت بعرضي". والتصدق بالعرض لا يكون إلا بالعفو عما يجب له ولأنه لا خلاف أنه لا يستوفي إلا بمطالبته فكان له العفو كالقصاص وإن قال لغيره اقذفني فقذفه ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا حد عليه لأنه حق له فسقط بإذنه

<<  <  ج: ص:  >  >>