يجب عليه الحد لأن اللعان إنما يسقط إحصانها في الحالة التي يوجد فيها وما بعدها وما يسقط فيما تقدم فوجب الحد بما رماها به وإن قذف زوجته وتلاعنا ثم قذفها أجنبي وجب الحد لأن اللعان يسقط الإحصان في حق الزوج لأنه بينة يختص بها فأما في حق الأجنبي فهي باقية على إحصانها فوجب عليه الحد بقذفها وإن قذفها الزوج ولاعنها ولم تلاعن فحدت ثم قذفها الاجنبي بذلك الزنا ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا حد عليه لأنه قذفها بزنا حدت فيه فلم يجب كما لو أقيم عليها الحد بالبينة والثاني: أنه يجب لأن اللعان يختص به الزوج فزال به الإحصان في حقه وبقي في حق الأجنبي.
فصل: إذا سمع السلطان رجلاً يقول زنى رجل لم يقم عليه الحد لأن المستحق مجهول ولا يطالبه بتعيينه لقوله عز وجل: {لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة: ١٠١] ولأن الحد يدرأ بالشبهة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "ألا سترته بثوبك يا هزال" وإن قال سمعت رجلاً يقول إن فلاناً زنى لم يحد لأنه ليس بقاذف وإنما هو حاك ولا يسأله عن القاذف لأن الحد يدرأ بالشبهة وإن قال زنى فلان فهل يلزم السلطان أن يسأل المقذوف فيه وجهان: أحدهما: أنه يلزمه لأنه قد ثبت له حق لا يعلم به فلزم الإمام إعلامه كما لوثبت له عنده مال لا يعلم به فعلى هذا إن سأل المقذوف فأكذبه وطالب بالحد حد وإن صدقه حد المقذوف لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أنيس اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها". والوجه الثاني أنه لا يلزم الإمام إعلامه لقوله صلى الله عليه وسلم:"ادرؤوا الحد بالشبهات".
فصل: إذا قذف محصناً وقال قذفته وأنا ذاهب العقل فإن لم يعلم له حال جنون فالقول قول المقذوف مع يمينه أنه لا يعلم أنه مجنون لأن الأصل عدم الجنون وإن علم له حال جنون ففيه قولان بناء على القولين في المقذوف إذا قده ثم اختلفا في حياته: أحدهما: أن القول قول المقذوف لأن الأصل الصحة والثاني: أن القول قول القاذف لأنه يحتمل ما يدعيه والأصل حمى الظهر ولأن الحد يسقط بالشبهة والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "ادرءوا الحدود بالشبهات وادرءوا الحدود ما استطعت ولأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" ١.
فصل: وإن عرض بالقذف أنه أراد قذفه وأنكر القاذف فالقول قوله لأن ما يدعيه محتمل والاصل براءة ذمته.