حدود بأسباب بأن زنى وسرق وشرب الخمر وقذف لم تتداخل لأنها حدود وجبت بأسباب فلم تتداخل وإن اجتمع عليه الجلد في حد الزنا والقطع في السرقة أوفي قطع الطريق قدم حد الزنا أو تأخر لأنه أخف من القطع فإذا تقدم أمكن استيفاء القطع بعده وإذا قدم القطع لم يؤمن أن يموت منه فيبطل حد الزنا وإن اجتمع عليه مع ذلك حد الشرب أوحد القذف قدم حد الشرب وحد القذف على تحد الزنا لأنهما أخف منه وأمكن للاستيفاء وإن اجتمع حد الشرب وحد القذف ففيه وجهان: أحدهما: أنه يقدم حد القذف لأنه للآدمي والثاني: أنه يقدم حد الشرب وهو الصحيح لأنه أخف من حد القذف فإذا أقيم عليه حد لم يقم عليه حد آخر حتى يبرأ من الأول لأنه إذا توالى عليه حدان لم يؤمن أن يتلف وإن اجتمع عليه حد السرقة والقطع في قطع الطريق قطعت يمينه للسرقة وقطع الطريق ثم تقطع رجله لقطع الطريق وهل تجوز الموالاة بينهما؟ فيه وجهان: أحدهما: أنه تجوز لأن قطع الرجل مع قطع اليد حد واحد فجاز الموالاة بينهما والثاني: أنه لا يجوز قطع الرجل حتى تندمل اليد لأن قطع الرجل لقطع الطريق وقطع اليد للسرقة وهما سببان مختلفان فلا يوالي بين حديهما والأول أصح لأن اليد تقطع لقطع الطريق أيضاً فأشبه إذا قطع الطريق ولم يسرق وإن كان مع هذه الحدود قتل فإن كان في غير المحاربة أقيمت الحدود على ما ذكرناه من الترتيب والتفريق بينهما فإذا فرغ من الحدود قتل وإن كان القتل في المحاربة ففيه وجهان: أحدهما: وهو قول أبي إسحاق أنه يوالي بين الجميع والفرق بينه وبين القتل في غير المحاربة أن القتل في غير المحاربة غير متحتم وربما عفى عنه فتسلم نفسه والقتل في المحاربة متحتم فلا معنى لترك الموالاة والوجه الثاني أنه لا يوالي بينهما لأنه لا يؤمن إذا والى بين الحدين أن يموت في الثاني فيسقط ما بقي من الحدود.