المأموم عليه ولأنه تابع للفاتحة فكان حكمه حكمها في الجهر كالسورة وأما المأموم فقد قال في الجديد: لا يجهر وقال في القديم: يجهر فمن أصحابنا من قال على قولين: أحدهما يجهر لما روى عطاء أن ابن الزبير كان يؤمن ويؤمنون وراءه حتى أن للمسجد للجة والثاني لا يجهر لأنه ذكر مسنون في الصلاة فلم يجهر به المأموم كالتكبيرات ومنهم من قال: إن كان المسجد صغيراً يبلغهم تأمين الإمام لم يجهر به لأنه لا يحتاج إلى الجهر به وإن كان كبيراً جهر لأنه يحتاج إلى الجهر للإبلاغ وحمل القولين على هذين الحالين فإن نسي الإمام التامين أمن المأموم وجهر به ليسمع الإمام فيأتي به.
فصل: فإن لم يحسن الفاتحة وأحسن غيرها قرأ سبع آيات وهل يعتبر أن يكون فيها بقدر حروف الفاتحة؟ فيه قولان: أحدهما لا يعتبر كما إذا فاته صوم يوم طويل لم يعتبر أن يكون القضاء في يوم بقدر ساعات الداء والثاني يعتبر وهو الأصح لأنه لما اعتبر عدد آي الفاتحة اعتبر قدر حروفها ويخالف الصوم فإنه لا يمكن اعتبار المقدار في الساعات إلا بمشقة فإن لم يحسن شيئاً من القرآن لزمه أن يأتي بذكر لما روى عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن أحفظ شيئاً من القرآن فعلمني ما يجزيني في الصلاة؟ فقال:"قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله" ولأنه ركن من أركان الصلاة فجاز أن ينتقل فيه عند العجز إلى بدل كالقيام وفي الذكر وجهان: قال أبو إسحاق رضي الله عنه: يأتي من الذكر بقدر حروف الفاتحة لأنه أقيم مقامها فاعتبر قدرها وقال أبو علي الطبري رضي الله عنه: يجب ما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من غير زيادة كالتيمم لا تجب الزيادة فيه على ما ورد به النص والمذهب الأول وإن أحسن آية من الفاتحة وأحسن غيرها ففيه وجهان: أصحهما أنه يقرأ الآية ثم يقرأ ست آيات من غيرها لأنه إذا لم يحسن شيئاً منها انتقل إلى غيرها فإذا كان يحسن بعضها وجب أن ينتقل فيما لم يحسن إلى غيرها كما لو عدم بعض الماء والثاني يلزمه تكرار الآية لأنها أقرب إليها فإن لم يحسن شيئاً من القرآن ولا من الذكر قام بقدر سبع آيات وعليه أن يتعلم فإن اتسع الوقت ولم يفعل وصلى لزمه أن يعيد لأنه ترك القراءة مع القدرة فأشبه إذا تركها وهو يحسن فإن قرأ القرآن بالفارسية لم يجزه لأن القصد من القرآن اللفظ والنظم وذلك لا يوجد في غيره.