للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينته وإن كان يدعي أنها في يده بإجارة سمعت بينته وقضى بها لأنه يدعي لنفسه حقاً فسمعت بينته فيصح الملك للغائب ويستوفي بها حقه من المنفعة وهذا خطأ لأنه إذا لم تسمع البينة في إثبات الملك وهو الأصل فلأن لا تسمع لإثبات الإجارة وهي فرع على الملك أولى وإن أقر بها لمجهول فقد قال أبو العباس فيه وجهان: وأحدهما: أنه يقال له إقرارك لمجهول لا يصح فإما أن تقر بها لمعروف أو تدعيها لنفسك أو نجعلك ناكلاً ويحلف المدعي ويقضي له والثاني: أن يقال له إما أن تقربها لمعروف أو نجعلك ناكلاً ولا يقبل دعواه لنفسه لأنه بإقراره لغيره نفي أن يكون الملك له فلم تقبل دعواه بعد.

فصل: إذا ادعى جارية وشهدت البينة أنها ابنة أمته لم يحكم له بها لأنها قد تكون ابنة أمته ولا تكون له بأن تلدها في ملك غيره ثم يملك الأمة دونها فتكون ابنة أمته ولا تكون له وإن شهدت البينة أنها ابنة أمته ولدتها في ملكه فقد قال الشافعي رحمه الله: حكمت بذلك وذكر في الشهادة بالملك المتقدم قولين فنقل أبو العباس جواب تلك المسألة إلى هذه وجعلها على قولين وقال سائر أصحابنا: يحكم بها ههنا قولاً واحداً وهناك على قولين والفرق بينهما أن الشهادة هناك بأصل الملك فلم تقبل حتى يثبت في الحال والشهادة ههنا بتمام الملك وأنه حدث في ملكه فلم يفتقر إلى إثبات الملك في الحال وإن ادعى غزلاً أو طيراً أو آجراً وأقام البينة أن الغزل من قطنه والطير من بيضه والآجر من طينه قضي له لأن الجميع عين ماله وإنما تغيرت صفته.

فصل: إذا ادعى رجل أن هذه الدار ملكه من سنتين وأقام على ذلك بينة وادعى آخر أنه ابتاعها منذ سنتين وأقام على ذلك بينة قضى ببينة الابتياع لأن بينة الملك شهدت بالملك على الأصل وبينة الابتياع شهدت بأمر حادث خفي على بينة الملك فقدمت على بينة الملك كما تقدم بينة الجرح على بينة التعديل.

فصل: وإن كان في يد رجل دار وادعى رجل أنه ابتاعها من زيد وهو يملكها وأقام على ذلك بينة حكم له لأنه ابتاعها من مالكها وإن شهدت له البينة أنه ابتاعها منه ولم تذكر الملك ولا التسليم لم يحكم بهذه الاشهادة ولم تؤخذ الدار ممن هي في يده لأنه قد يبيع الإنسان ما يملكه وما لا يملكه فلا تزال يد صاحب اليد.

فصل: وإن كان في يد رجل دار فادعاها رجل وأقام البينة أنها له أجرها ممن هي في يده وأقام الذي في يده الدار بينة أنها له قدمت بينة الخارج الذي لا يد له لأن الدار المستأجرة في مالك المؤجر وبيده وليس للمستأجر إلا الانتفاع فتصير كما لو كانت في يده

<<  <  ج: ص:  >  >>