لأن بينة القتل تثبت القتل وتنفي الموت وبينة الموت تثبت الموت وتنفي القتل فتسقطان ويبقى العبد على الرق والثاني: أنه تقدم بينة القتل ويعتق العبد لأن بينة الورثة تشهد بالموت وبينة العبد تشهد بالقتل لأن المقتول ميت ومعها زيادة صفة وهي القتل فقدمت وإن كان له عبدان سالم وغانم فقال لغانم: إن مت في رمضان فأنت حر وإن قال لسالم: إن مت في شوال فأنت حر ثم مات فأقام غانم بينة أنه مات في رمضان وأقام سالم بينة بالموت في شوال ففيه قولان: أحدهما: أنه تتعارض البينتان ويسقطان ويرق العبدان لأن الموت في رمضان ينفي الموت في شوال والموت في شوال ينفي الموت في رمضان فيسقطان وبقي العبدان على الرق والقول الثاني أنه تقدم بينة الموت في رمضان لأنه يجوز أن يكون قد علمت البينة بالموت في رمضان وخفي ذلك على البينة الأخرى إلى شوال فقدمت بينة رمضان لما معها من زيادة العلم وإن قال لغانم إن مت من مرضي فأنت حر وقال لسالم: إن برئت من مرضي فأنت حر ثم مات فأقام غانم بينة بالموت من مرضه وأقام سالم بينة بأنه بريء من المرض ثم مات تعارضت البينتان وسقطتا ورق العبدان لأن بينة أحدهما: أثبتت الموت من مرضه ونفت البرء منه والأخرى أثبتت البرء من مرضه ونفت موته منه فتعذر الجمع بينهما فتعارضتا وسقطتا وبقي العبدان على الرق.
فصل: وإن اختلف المتبايعان في قدر الثمن أو اختلف المتكاريان في قدر الأجرة أوفي مدة الإجارة فإن لم يكن بينة فالحكم في التحالف والفسخ على ما ذكرناه في الفسخ في البيع وإن كان لأحدهما: بينة قضي له وإن كان لكل واحد منهما يبنة نظرت فإن كانتا مؤرختين بتاريخين مختلفين قضى بالأول منهما لأن العقد الأول يمنع صحة العقد الثاني وإن كانتا مطلقتين أو مؤرختين تاريخاً واحداً أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة فهما متعارضتان وفيهما قولان: أحدهما: أنهما يستعملان فيقرع بينهما فمن خرجت له القرعة قضي له ولا يجيء القول بالوقف لأن العقود لا توقف ولا يجيء القول بالقسمة لأنهما يتنازعان في عقد والعقد لا يمكن قسمته وخرج أبو العباس قولاً آخر أنه إذا كان الاختلاف في قدر المدة أوفي قدر الأجرة قضي بالبينة التي توجب الزيادة كما لو شهدت بينة أن لفلان عليه ألفاً وشهدت بينة أن له عليه ألفين وهذا خطأ لأن الشهادة بالألف لا تنفي الزيادة عليه فلم يكن بينها وبين بينة الأخرى تعارض وههنا أحد البينتين ينفي ما شهدت به البينة الأخرى لأنه إذا عقد بأحد العوضين لم يجز أن يعقد بالعوض الآخر فتعارضتا.