في الذمة أحفظ له لا يطالب الحاضر فيما يدفع إليه بضمين لأن في ذلك قدحاً في البينة وإن لم تكن البينة من أهل الخبرة الباطنة أو كانت من أهل الخبرة إلا أنها لم تشهد بأنها لا تعرف له وارثاً سواه لم يدفع إليه شيء حتى يبعث الحاكم إلى البلاد التي كان يسافر إليها فيسأل هل له وارث آخر؟ فإذا سأل ولم يعرف له وارث غيره دفع إليه قال الشافعي رحمه الله: يأخذ منه ضميناً وقال في الأم: وأحب أن يأخذ منه ضميناً فمن أصحابنا من قال فيه قولان: أحدهما: أنه يجب أخذ الضمين لأنه ربما ظهر وارث آخر والثاني: أنه يستحب ولا يجب لأن الظاهر أنه لا وارث له غيره ومنهم من قال: إن كان الوارث ممن يحجب كالأخ والعم وجب وإن كان ممن لا يحجب كالابن استحب لأن من لا يحجب يتيقن أنه وارث ويشك فيمن يزاحمه فلم يترك اليقين بالشك ومن يحجب يشك في إرثه وحمل القولين على هذين الحالين ومنهم من قال إن كان الوارث غير مأمون وجب لأنه لا يؤمن أن يضيع حق من يظهر وإن كان مأموناً لم يجب لأنه لا يضيع حق من يظهر وحمل القولين على هذين الحالين وإن كان الوارث ممن له فرض لا ينقص كالزوجين فإن شهد الشهود أنه لا وارث له سواه وهم من أهل الخبرة دفع إليه أكمل الفرضين ولا يؤخذ منه ضمين وإن لم يشهدوا أنه لا وارث له سواه أو شهدوا بذلك ولم يكونوا من أهل الخبر دفع إليه أنقص الفرضين فإن كان زوجاً دفع إليه ربع المال عائلاً وإن كان زوجة دفع إليها ربع الثمن عائلاً ويوقف الباقي فإن لم يظهر وارث آخر دفع إليه الباقي.
فصل وإن ماتت امرأة وابنها فقال زوجها: ماتت فورثها الابن ثم مات الابن فورثته وقال أخوها: بل مات الابن أولاً فورثته الأم ثم ماتت فورثتها لم يورث ميت من ميت بل يجعل مال الابن للزوج ومال المرأة للزوج والأخ لأنه لا يرث إلا من تيقن حياته عند موت مورثه وههنا لا تعرف حياة واحد من الميتين عند موت مورثه فلم يورث أحدهما: من الآخر كالغرقى.
فصل: وإن مات رجل وله دار وخلف ابناً وزوجة فادعى الابن أنه تركها ميراثاً وادعت الزوجة أنه أصدقها الدار وأقام كل واحد منهما بينة قدمت بينة الزوجة على بينة الإرث لأن بينة الإرث تشهد بظاهر الملك المتقدم وبينة الصداق تشهد بأمر حادث على الملك خفي على بينة الإرث.
فصل: وإن تداعى رجلان حائطاً بين داريهما فإن كان مبنياً على تربيع إحداهما مساوياً لها في السم والحد ولم يكن بناؤه مخالفاً لبناء الدار الأخرى ولم تكن بينة لأحدهما: فالقول قول من بنى على تربيع داره لأن الظاهر أنه بني لداره وإن كان لأحدهما