أنتم والله قتلتموه قالوا: والله ما قتلناه فأقبل هو وأخوه حويصة وعبد الرحمن أخو المقتول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب محيصة يتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكبر الكبر" فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب من الله ورسوله". فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فكتبوا إنا والله ما قتلناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن:"أتحلفون خمسين وتستحقون دم صاحبكم" فقالوا: لا قال: "أيحلف لكم يهود" قالوا: لا ليسوا بمسلمين فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة قال سهل: لقد ركضتني منها ناقة حمراء ولأن باللوث تقوى جنبة المدعي ويغلب على الظن صدقه فسمعت يمينه كالمدعي إذا شهد له عدل وحلف معه وإن كانت الدعوى في قتل يوجب القود ففيه قولان: قال في القديم يجب القود بأيمان المدعي لأنها حجة يثبت بها قتل العمد فوجب بها القود كالبينة وقال في الجديد: لا يجب لقوله صلى الله عليه وسلم: "إما أن يدوا صاحبكم أو يأذنوا بحرب من الله ورسوله" فذكر الدية ولم يذكر القصاص ولأنه حجة لا يثبت بها النكاح فلا يثبت بها القصاص كالشاهد واليمين فإن قلنا بقوله القديم وكانت الدعوى على جماعة وجب القود عليهم وقال أبو إسحاق رحمه الله: لا يقتل إلا واحد يختاره والقسامة على هذا القول كالبينة في إيجاب القود فإذا قتل بها الواحد قتل بها الجماعة.
فصل: وإن كان المدعي جماعة ففيه قولان: أحدهما: أنه يحلف كل واحد منهم خمسين يميناً لأن ما حلف به الواحد إذا انفرد حلف به كل واحد من الجماعة كاليمين الواحدة في سائر الدعاوي والقول الثاني أنه يقسط عليهم الخمسون يميناً على قدر مواريثهم لأنه لما قسط عليهم ما يجب بأيمانهم من الدية على قدر مواريثهم وجب أن تقسط الأيمان أيضاً على قدر مواريثهم وإن دخلها كسر جبر الكسر لأن اليمين الواحدة لا تتبعض فكملت فإن نكل المدعي عن اليمين ردت اليمين على المدعى عليه فيحلف خمسين يميناً لقوله عليه الصلاة والسلام: "يبرئكم يهود متهم بخمسين يمينا". ولأن