قتل أو زنى في وقت معين في موضع معين والمشهود عليه في ذلك الوقت كان في بلد آخر وأما إذا شهد بشيء أخطأ فيه فلم يكن شاهد زور لأنه لم يفسد الكذب وإن شهد لرجل بشيء وشهد به آخر أنه لغيره لم يكن شاهد زور لأنه ليس تكذيب أحدهما: بأولى من تكذيب الآخر فلم يقدح ذلك في عدالته وإذا ثبت أنه شاهد زور ورأى الإمام تعزيره بالضرب أو الحبس أو الزجر فعل وإن رأى أن يشهر أمره في سوقه ومصلاه وقبيلته وينادي عليه أنه شاهد زور فاعرفوه فعل لما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اذكروا الفاسق بما فيه ليحذره الناس". ولأن في ذلك زجراً له ولغيره عن فعل مثله وحكى عن أبي علي بن أبي هريرة أنه قال: إن كان من أهل الصيانة لم يناد عليه لقوله عليه الصلاة والسلام: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهن". وهذا غير صحيح لأن بشهادة الزور يخرج عن أن يكون من أهل الصيانة.
فصل: ولا تقبل شهادة جار إلى نفسه نفعاً ولا دافع عن نسه ضرراً لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذي إحنة" ١. والظنين المتهم والجار إلى نفسه نفعاً والدافع عنها ضرراً متهمان فإن شهد المولى لمكاتبه بمال لم تقبل شهادته لأن يثبت لنفسه حقاً لأن مال المكاتب يتعلق به حق المولى وإن شهد الوصي لليتيم والوكيل للموكل فيما فوض النظر فيه إليه لم تقبل لأنهما يثبتان لأنفسها حق المطالبة والتصرف وإن وكله في شيء ثم عزله لم يشهد فيما كان النظر فيه إليه فإن كان قد خاصم فيه لم تقبل شهادته وإن لم يكن قد خاصم فيه ففيه وجهان: أحدهما: أنه تقبل لأنه لا يحلقه تهمة والثاني: أنه لا تقبل لأنه بعقد الوكالة يملك الخصومة فيه وإن شهد الغريم لمن له عليه دين وهو محجور عليه بالفلس لم تقبل