الثياب شهادة النساء مفردات لأن الرجال لا يطلعون عليها في العادة فلولم تقبل فيها شهادة النساء منفردات بطلب عند التجاحد ولا يثبت شيء من ذلك إلا بعدد لأنها شهادة فاعتبر فيها العدد ولا يقبل أقل من أربع نسوة لأن أقل الشهادات رجلان وشهادة امرأتين بشهادة رجل والدليل عليه قوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}[البقرة: ٢٨٢] فأقام المرأتين مقام الرجل وروى عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب على ذي لب منكن" قالت امرأة يا رسول الله ما ناقصات العقل والدين قال: "أما ناقصات العقل فشهادة امرأتين كشاهدة رجل فهذا نقصان العقل والدين قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين كشهادة رجل فهذا نقصان العقل وأما نقصان الدين فإن إحداكن تمكث الليالي لا تصلي وتفطر في شهر رمضان فهذا من نقصان الدين" ١. فقبل فيها شهادة الرجلين وشهادة الرجل والمرأتين لأنه إذا أجيز شهادة النساء منفردات لتعذر الرجال فلأن تقبل شهادة الرجال والرجال والنساء أولى وتقبل في الرضاع شهادة المرضعة لما روى عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت امرأة سوداء فقالت: قد أرضعتكما فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: كيف وقد زعمت أنها أرضعتكما فنهاه عنها ولأنها لا تجر بهذه الشهادة نفعاً إلى نفسها ولا تدفع عنها ضرراً ولا تقبل شهادة المرأة على ولادتها لأنا تثبت لنفسها بذلك حقاً وهو النفقة وتقبل شهادة النساء منفردات على استهلال الولد وإنه بقي متألماً إلى أن مات وقال الربيع رحمه الله فيه قول آخر أنه لا يقبل إلا شهادة رجلين والصحيح هو الأول لأن الغالب أنه لا يحضرها الرجال.
فصل: وما يثبت بالشاهد والمرأتين يثبت بالشاهد واليمين لما روى عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد قال عمرو: ذلك في الأموال واختلف أصحابنا في الوقف فقال أبو إسحاق وعامة أصحابنا يبنى على القولين فإن قلنا إن الملك للموقوف عليه قضي فيه بالشاهد واليمين لأنه نقل ملك فقضى فيه بالشاهد واليمين كالبيع إن قلنا إنه ينتقل إلى الله عز وجل لم يقض فيه بالشاهد واليمين لأنه إزالة ملك إلى غير الآدمي فلم يقض فيه بالشاهد واليمين كالعتق وقال أبو العباس رحمه الله يقضي فيه بالشاهد واليمين على القولين جميعاً لأن القصد بالوقف تمليك المنفعة فقضي فيه بالشاهد واليمين كالإجارة.
١ رواه مسلم في كتاب الإيمان حديث ١٣٢. أبو داود في كتاب السنة باب ١٥. ابن ماجه في كتاب الفتن باب ١٩. أحمد في مسنده ٢/٦٧.