تضبط فجاز أن يشهد فيه بالاستفاضة وإن استفاض أن فلاناً مات جاز أن يشهد به لأن أسباب الموت كثيرة منها خفية ومنها ظاهرة ويتعذر الوقوف عليها وفي عدد الاستفاضة وجهان: أحدهما: وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني رحمه الله أن أقله أن يسمع من اثنين عدلين لأن ذلك بينة والثاني: وهو قول أقضى القضاة أبي الحسن الماوردي رحمه الله أنه لا يثبت إلا بعدد يقع العلم بخبرهم لأن ما دون ذلك من أخبار الآحاد فلا يقع العلم من جهتهم فإن سمع إنساناً يقر بنسب أب أو ابن فإن صدقه المقر له جاز له أن يشهد به لأنه شهادة على إقرار وإن كذبه لم يجز أن يشهد به لأنه لم يثبت النسب وإن سكت فله أن يشهد به لأن السكوت في النسب رضى بدليل أنه إذا بشر بولد فسكت عن نفسه لحقه نسبه ومن أصحابنا من قال لا يشهد حتى يتكرر الإقرار به مع السكوت وإن رأى شيئاً في يد إنسان مدة يسيرة جاز أن يشهد له باليد ولا يشهد له بالملك وإن رآه في يده مدة طويلة يتصرف فيه جاز أن يشهد له باليد وهل يجوز أن يشهد له بالملك فيه وجهان: أحدهما: وهو قول أبي سعيد الإصطخري رحمه الله أنه يجوز لأن اليد والتصرف يدلان على الملك والثاني: وهو قول أبي إسحاق رحمه الله أنه لا يجوز أن يشهد له بالملك لأنه قد تكون اليد والتصرف عن ملك وقد تكون عن إجارة أو وكالة أو غصب فلا يجوز أن يشهد له بالملك مع الاحتمال واختلف أصحابنا في النكاح والعتق والوقف والولاء فقال أبو سعيد الإصطخري رحمه الله يجوز أن يشهد فيها بالاستفاضة لأنه يعرف بالاستفاضة أن عائشة رضي الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وأن نافعاً مولى ابن عمر رضي الله عنه كما يعرف أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو إسحاق رحمه الله: لا يجوز لأنه عقد فلا يجوز أن يشهد فيه بالاستفاضة كالبيع.
فصل: ويجوز أن يكون الأعمى شاهداً فيما يثبت بالاستفاضة لأن طريق العلم به السماع والأعمى كالبصير في السماع ويجوز أن يكون شاهداً في الترجمة لأنه يفسر ما سمعه يحضره الحاكم وسماعه كسماع البصير ولا يجوز أن يكون شاهداً على الأفعال كالقتل والغصب والزنا لأن طريق العلم بها البصر ولا يجوز أن يكون شاهداً على الأقوال كالبيع والإقرار والنكاح والطلاق إذا كان المشهود عليه خارجاً عن يده وحكي عن المزني رحمه الله أنه قال يجوز أن يكون شاهداً فيها إذا عرف الصوت ووجهه أنه إذا جاز أن يروي الحديث إذا عرف المحدث بالصوت ويستمتع بالزوجة إذا عرفها بالصوت جاز أن يشهد إذا عرف المشهود عليه بالصوت وهذا خطأ لأن من شرط الشهادة العلم وبالصوت لا يحصل له العلم بالمتكلم لأن الصوت يشبه الصوت ويخالف رواية الحديث