فصل: وإن شهدا عليه بمال وحكم عليه ثم رجعا عن الشهادة فالمنصوص أنه لا يرجع على المشهود وقال فيمن في يده دار فأقر أنه غصبها من فلان ثم أقر أنه غصبها من آخر أنها تسلم إلى الأموال بإقراره السابق وهل يجب عليه أن يغرم قيمتها للثاني فيه قولان ورجوع الشهود كرجوع المقر فمن أصحابنا من قال: هو على قولين وهو قول أبي العباس: أحدهما: أنه يرجع على المشهود بالغرم لأنهم حالوا بينه وبين ماله بعدوان وهو الشهادة فلزمهم الضمان والثاني: أنه لا يرجع عليهم لأن العين لا تضمن إلا باليد أو بالإتلاف ولم يوجد من الشهود واحد منهما ومن أصحابنا من قال: لا يرجع على الشهود قولاً واحداً والفرق بينهما وبين الغاصب أن الغاصب ثبتت يده على المال بعدوان والشهود لم تثبت أيديهم على المال والصحيح أن المسألة على قولين والصحيح من القولين أنه يجب عليهم الضمان فإن شهد رجل وامرأتان بالمال ثم رجعوا وجب على الرجل النصف وعلى كل امرأة الربع لأن كل امرأتين كالرجل وإن شهد ثلاثة رجال ثم رجعوا وجب على كل واحد منهم الثلث فإن رجع واحد وبقي اثنان ففيه وجهان: أحدهما: أنه يلزمه ضمان الثلث لأن المال يثبت بشهادة الجميع والثاني: وهو المذهب أنه لا شيء عليه لأنه بقيت بينة يثبت بها المال فإن رجع آخر وجب عليه وعلى الأول ضمان النصف لأنه انحل نصف البينة وإن شهد رجل وعشر نسوة ثم رجعوا عن الشهادة وجب على الرجل ضمان السدس وعلى كل امرأة ضمان نصف السدس وقال أبو العباس: يجب على الرجل ضمان النصف والصحيح هو الأول لأن الرجل في المال بمنزلة امرأتين وكل امرأتين بمنزلة رجل فصاروا كستة رجال شهدوا ثم رجعوا فيكون حصة الرجل السدس وحصة كل امرأتين السدس وإن رجع ثماني نسوة لم يجب على الصحيح من المذهب عليهن شيء لأنه بقيت بينة ثبت بها الحق فإن رجعت أخرى وجب عليها وعلى الثماني ضمان الربع وإن رجعت أخرى وجب عليها وعلى التسع النصف.
فصل: وإن شهد شاهد بحق ثم مات أو جن أو أغمي عليه قبل الحكم لم تبطل شهادته لأن ما حدث لا يوقع شبهة في الشهادة فلم يمنع الحكم لها وإن شهد ثم فسق قبل الحكم لم يجز الحكم بشهادته لأن الفسق يوقع شكاً في عدالته عند الشهادة فمنع الحكم بها وإن شهد على رجل ثم صار عدواً له بأن قذفه المشهود عليه لم تبطل شهادته لأن هذه عداوة حدثت بعد الشهادة فلم تمنع من الحكم بها وإن شهد وحكم الحاكم بشهادته ثم فسق فإن كان في مال أو عقد لم يؤثر على الحكم لأنه يجوز أن يكون