هذا موضع ركوعه ألا ترى يجزئه عن فرضه فصار كالمنفرد وإن أدركه في آخر الصلاة كبر للإحرام وقعد وحصل له فضيلة الجماعة فإن أدرك معه الركعة الأخيرة كان ذلك أول صلاته لما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما أدركت فهو أول صلاتك وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: يكبر فإذا سلم الإمام قام إلى ما بقي من صلاته فإن كان ذلك في صلاة فيها قنوت فقنت مع الإمام أعاد القنوت في آخر صلاته لأن ما فعله مع الإمام فعله للمتابعة فإذا بلغ إلى موضعه أعاد كما لو تشهد مع الإمام ثم قام إلى ما بقي فإنه يعيد التشهد وإن حضر وقد فرغ الإمام من الصلاة فإن كان المسجد له إمام راتب كره أن يستأنف فيه جماعة لأنه ربما اعتقد أنه قصد الكياد والإفساد وإن كان المسجد في سوق أو ممر الناس لم يكره أن يستأنف الجماعة لأنه لا يحمل الأمر فيه على الكياد وإن حضر ولم يجد إلا من صلى استحب لبعض من حضر أن يصلي معه ليحصل له الجماعة والدليل عليه ما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلاً جاء وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال من يتصدق على هذا؟ فقام رجل فصلى معه.
فصل: ومن صلى منفرداً ثم أدرك جماعة يصلون استحب له أن يصلي معهم وحكى أبو إسحاق عن بعض أصحابنا أنه قال: إن كان صبحاً أو عصراً لم يستحب لأنه منهي عن الصلاة في ذلك الوقت والمذهب الأول لما روى يزيد بن الأسود العامري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الغداة في مسجد الخيف فرأى في آخر القوم رجلين لم يصليا معه فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: يا رسول الله قد صلينا في رحالنا فقال "لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكم نافلة" فإن صلى في جماعة ثم أدرك جماعة أخرى ففيه وجهان: احدهما يعيد للخبر والثاني لا يعيد لأنه قد حاز فضيلة الجماعة وإذا صلى وأعاد مع الجماعة فالفرض هو الأول في قوله الجديد للخبر ولأنه أسقط الفرض بالأولى فوجب أن تكون الثانية نفلاً وقال في القديم: يحتسب الله له بأيتهما شاء وليس بشيء.
فصل: ويستحب للإمام أن يأمر من خلفه بتسوية الصفوف لما روى أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اعتدلوا في صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء