للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ثلاثة لا يرفع الله صلاتهم فوق رؤوسهم فذكر فيهم رجلا أمَّ قوماً وهم له كارهون١" فإن كان الذي يكرهه الأقل لم يكره أن يؤمهم لأن أحداً لا يخلو ممن يكرهه ويكره أن يصلي الرجل بامرأة أجنبية لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان٢" ويكره أن يصلي خلف التمتام والفأفاء لما يزيدان في الحروف فإن صلى خلفهما صحت صلاته لأنها زيادة هو مغلوب عليها.

فصل: والسنة أن يؤم القوم أقرؤهم وأفقههم لما روى أبو مسعود البدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى وأكثرهم قراءة فإن كانت قراءتهم سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سناً٣" وكان أكثر الصحابة قراءة أكثرهم فقهاً لأنهم كانوا يقرأون ويتعلمون أحكامها ولأن الصلاة تفتقر صحتها إلى القراءة والفقه فقدم أهلهما على غيرهما فإن زاد أحدهما في القراءة والفقه قدم على الآخر وإن زاد أحدهما في الفقه وزاد الآخر في القراءة فالأفقه أولى لأنه ربما حدثت في الصلاة حادثة تحتاج إلى الاجتهاد فإن استويا في الفقه ففيه قولان: قال في القديم يقدم الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم الأسن وهو الأصح لأنه قدم الهجرة على السن في حديث أبي مسعود البدري ولا خلاف أن الشرف مقدم على الهجرة فإذا قدمت الهجرة على السن فلأن يقدم عليه الشرف أولى وقال في الجديد: يقدم الأسن ثم الأشرف ثم الأقدم هجرة لما روى مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "صلوا كما رأيتموني أصلي وليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم٤" ولأن الأكبر أخشع في الصلاة فكان أولى والسن الذي يستحق به التقديم السن في الإسلام فأما إذا شاخ في الكفر ثم


١ رواه الترمذي في كتاب الصلاة باب ١٤٩. أبو داود في كتاب الصلاة باب٦٢.ابن ماجه في كتاب الإقامة ٤٣.
٢ رواه البخاري في كتاب النكاح باب ١١١، ١١٢. مسلم في كتاب الحج حديث ٤٢٤. الترمذي في كتاب الفتن باب ٧. أحمد في مسنده "١/٢٢٢".
٣ رواه البخاري في كتاب الأذان باب ٥٤. الترمذي في كتاب الصلاة باب ٦٠. النسائي في كتاب الإقامة باب ٣، ٥. أحمد في مسنده "٣/٤٨، ٥١".
٤ رواه البخاري في كتاب الأذان باب ١٧، ١٨. مسلم في كتاب المساجد حديث ١٩٢. الدارمي في كتاب الصلاة باب ٤٢. أحمد في مسنده "٣/٤٣٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>