ففي المؤخرة١" فإن تباعدت الصفوف أو تباعد الصف الأول عن الإمام نظرت فإن كان لا حائل بينهما وكانت الصلاة في المسجد وهو عالم بصلاة الإمام صحت الصلاة لأن كل موضع من المسجد موضع الجماعة وإن كان في غير المسجد فإن كان بينه وبين الإمام أو بينه وبين آخر صف مع الإمام مسافة بعيدة لم تصح صلاته فإن كانت مسافة قريبة صحت صلاته وقدر الشافعي رحمه الله القريب بثلثمائة ذراع والبعيد ما زاد على ذلك لأن ذلك قريب في العادة وما زاد بعيد وهل هو تقريب أو تحديد؟ فيه وجهان: أحدهما أنه تحديد فلو زاد على ذلك ذراع لم يجزه والثاني أنه تقريب فإن زاد ثلاثة أذرع جاز وإن كان بينهما حائل نظرت فإن كانت الصلاة في المسجد بأن كان أحدهما في المسجد والآخر على سطحه أو في بيت لم يضر وإن كان في غير المسجد نظرت فإن كان الحائل يمنع الاستطراق والمشاهدة لم تصح صلاته لما روي عن عائشة رضي الله عنها أن نسوة كن يصلين في حجرتها بصلاة الإمام فقالت: لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن دونه في حجاب وإن كان بينهما حائل يمنع الاستطراق دون المشاهدة كالشباك ففيه وجهان: أحدهما لا يجوز لأن بينهما حائلاً يمنع الاستطراق فأشبه الحائط والثاني يجوز لأنه يشاهدهم فهو كما لو كان معهم وإن كان بين الإمام والمأموم نهر ففيه وجهان: قال أبو سعيد الاصطخري: لا يجوز لأن الماء يمنع الاستطراق فهو كالحائط والمذهب أنه يجوز لأن الماء لم يخلق للحائل وإنما خلق للمنفعة فلا يمنع الإئتمام كالنار.
١رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب ٩٣. النسائي في كتاب الإمامة باب ٣٠. أحمد في مسنده "٣/ ١٣٢، ٢١٥".