عليه الصلاة والسلام "أيما إهاب دبغ فقد طهر١" ولأن الدباغ يحفظ الصحة على الجلد ويصلحه للانتفاع به كالحياة ثم الحياة تدفع النجاسة عن الجلد فكذلك الدباغ وأما الكلب والخنزير فكذلك وما توالد منهما أو من أحدهما فلا يطهر جلدهما بالدباغ لأن الدباغ كالحياة ثم الحياة لا تدفع النجاسة عن الكلب والخنزير فكذلك الدباغ.
فصل: ويجوز الدباغ بكل ما ينشف فضول الجلد ويطيبه ويمنع من ورود الفساد عليه كالشب والقرظ وغير ذلك ما يعمل عمله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أليس في الماء والقرظ ما يطهرانه" فنص على القرظ لأنه يصلح الجلد ويطيبه فوجب أن يجوز بكل ما عمل عمله وهل يفتقر إلى غسله بالماء بعد الدباغ؟ فيه وجهان: أحدهما: لا يفتقر لأن طهارته تتعلق بالاستحالة وقد حصل ذلك فطهر كالخمر إذا استحالت خلا وقال أبو إسحاق: لا يطهر حتى يغسل بالماء لأن ما يدبغ به تنجس بملاقاة الجلد فإذا زالت نجاسة الجلد بقيت نجاسة ما يدبغ به فوجب أن يغسل حتى يطهر.
فصل: وإذا طهر الجلد بالدباغ جاز الانتفاع به لقوله صلى الله عليه وسلم "هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به" وهل يجوز بيعه؟ فيه قولان: قال في القديم: لا يجوز لأنه حرم
١ رواه مسلم في كتاب الحيض حديث ١٠٥. أبو داود في كتاب اللباس باب ٣٨. الترمذي في كتاب اللباس باب ٧. النسائي في كتاب الفرع باب ٤. الدارمي في كتاب الأضاحي باب ٢٠. الموطأ في كتاب الصيد حديث ١٧. أحمد في مسنده "١/٢١٩".