وهو غير مقاتل في حال الصلاة فلم يجب حمله ومن أصحابنا من قال: إن كان السلاح يدفع به عن نفسه كالسيف والسكين وجب حمله وإن كان يدفع به عن نفسه وعن غيره كالرمح والسنان لم يجب وحمل القولين على هذين الحالين والصحيح ما قال أبو إسحاق.
فصل: وإن اشتد الخوف ولم يتمكن من تفريق الجيش صلوا رجالاً وركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها لقوله عز وجل {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً}[البقرة:٢٣٩] قال ابن عمر: مستقبلي القبلة وغير مستقبليها وروى نافع عن ابن عمر رضي الله عنه إذا كان الخوف أكثر من ذلك صلى راكباً وقائماً يومئ إيماء قال الشافعي رحمه الله: ولا بأس أن يضرب الضربة ويطعن الطعنة فإن تابع أو عمل ما يطول بطلت صلاته وحكى الشيخ أبو حامد الإسفرايني عن أبي العباس رحمهما الله أنه قال: إن لم يكن مضطراً إليه بطلت صلاته وإن كان مضطراً إليه لم تبطل كالمشي وحكى عن بعض أصحابنا أنه قال: إن اضطر إليه فعل ولكن تلزمه الإعادة كما نقول فيمن لم يجد ماء ولا تراباً أنه يصلى ويعيد فإن استفتح الصلاة راكباً ثم أمن فنزل فإن استدبر القبلة في النزول بطلت صلاته لأنه ترك القبلة من غير خوف وإن لم يستدبر قال الشافعي رحمه الله: بنى على صلاته لأنه عمل قليل فلم يمنع البناء وإن استفتحها راجلاً فخاف فركب قال الشافعي: ابتدأ الصلاة وقال أبو العباس: إن لم يكن مضطراً إليه ابتدأ لأنه عمل كثير لا ضرورة به إليه وإن كان مضطراً لم تبطل لأنه مضطر إليه فلم تبطل كالمشي وقول أبي العباس أقيس والأولى أشبه بظاهر النص.
فصل: إذا رأوا سواداً فظنوه عدواً فصلوا صلاة شدة الخوف ثم بان أنه لم يكن عدواً ففيه قولان: أحدهما تجب الإعادة لأنه فرض فلم يسقط بالخطأ كما لو ظن أنه أتى بفرض ثم علم أنه لم يأت به والثاني لا إعادة عليه وهو الأصح لأن العلة في جواز الصلاة شدة الخوف والعلة موجودة في حال الصلاة فوجب أن يجزئه كما لو رأى عدواً فظن أنهم على قصده فصلى بالإيماء ثم علم أنهم لم يكونوا على قصده فأما إذا رأى العدو فخافهم فصلى صلاة شدة الخوف ثم بان أنه كان بينهم حاجز من خندق أو ماء