خطب يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم يقول على أثر ذلك وقد علا صوته واشتد غضبه واحمرت وجنتاه كأنه منذر جيش ثم يقول:"بعثت أنا والساعة كهاتين" وأشار بأصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم يقول: "إن أفضل الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة من ترك مالاً فلأهله ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي" والثاني أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله عز وجل افتقرت إلى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كالأذان والصلاة والثالث الوصية بتقوى الله عز وجل لحديث جابر ولأن القصد من الخطبة الموعظة فلا يجوز الإخلال بها والرابع أن يقرأ آية من القرآن لحديث جابر بن سمرة ولأنه أحد فرضي الجمعة فوجب فيه القراءة كالصلاة ويجب ذكر الله تعالى وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم والوصية في الخطبتين وفي قراءة القرآن وجهان أحدهما أنها تجب في الخطبتين لأن ما وجب في أحد الخطبتين وجب في الأخرى كذكر الله تعالى وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم والوصية والثانية لا تجب إلا في إحدى الخطبتين وهو المنصوص لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أنه قرأ في الخطبة وهذا لا يقتضي أكثر من مرة ويستحب أن يقرأ سورة "ق" لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها في الخطبة فإن قرأ آية وفيها سجدة فنزل وسجد جاز لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ثم فعل عمر رضي الله عنه بعده فإن فعل هذا وأطال الفصل ففيه قولان: قال في القديم: يبني وقال في الجديد يستأنف وهل يجب الدعاء؟ فيه وجهان: أحدهما يجب رواه المزني في أقل ما يقع عليه اسم الخطبة ومن أصحابنا من قال يستحب وأما الدعاء للسلطان فلا يستحب لما روي أنه سئل عطاء عن ذلك فقال: إنه محدث وإنما كانت الخطبة تذكيراً.
فصل: وسننها أن تكون على منبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب على المنبر ولأنه أبلغ في الإعلام ومن سننها أنه إذا صعد على المنبر ثم أقبل على الناس أن يسلم عليهم لما