يخطب فقام ابن مسعود فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له فقال:"صدق أبي وأطع أبياً" والثاني يستحب وهو الأصح لما روى أنس رضي الله عنه قال: دخل رجل والنبي صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يوم الجمعة فقال متى الساعة؟ فأشار إليه الناس أن اسكت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الثالثة:"ما أعددت لها قال حب الله ورسوله قال: إنك مع من أحببت" فإن رأى رجلاً ضريراً يقع في بئر أو رأى عقرباً تدب إليه لم يحرم عليه كلامه قولاً واحداً لأن الإنذار يجب لحق الآدمي والإنصات لحق الله تعالى ومبناه على المسامحة وإن سلم عليه رجل أو عطس فإن قلنا يستحب الإنصات رد السلام وشمت العاطس وإن قلنا يجب الإنصات لم يرد السلام ولم يشمت العاطس لأن المسلم سلم في غير موضعه فلم يرد عليه وتشميت العاطس سنة فلا يترك له الإنصات الواجب ومن أصحابنا من قال لا يرد السلام لأن المسلم مفرط ويشمت العاطس لأن العاطس غير مفرط في العطس وليس بشيء.
فصل: ومن دخل والإمام في الصلاة أحرم بها فإن أدرك معه الركوع من الثانية فقد أدرك الجمعة فإذا سلم الإمام أضاف إليها أخرى وإن لم يدرك الركوع فقد فاتت الجمعة فإذا سلم الإمام أتم الظهر لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى"١.
فصل: فإن زوحم المأموم عن السجود في الجمعة نظرت فإن قدر أن يسجد على ظهر إنسان لزمه أن يسجد لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا اشتد الزحام فليسجد أحدكم على ظهر أخيه وقال بعض أصحابنا: فيه قول آخر قاله في القديم أنه بالخيار إن شاء سجد على ظهر إنسان وإن شاء ترك حتى يزول الزحام لأنه إذا سجد حصلت له فضيلة المتابعة وإذا انتظر زوال الزحمة حصلت له فضيلة السجود على الأرض فخير بين الفضيلتين والأول أصح لأن ذلك يبطل بالمريض إذا عجز عن السجود على الأرض فإنه يسجد على حسب حاله ولا يؤخر وإن كان في التأخير فضيلة السجود على الأرض وإن لم يقدر على السجود بحال انتظر حتى يزول الزحام فإن زال الزحام لم يخل إما أن يدرك الإمام قائماً أو راكعاً أو رافعاً من الركوع أو ساجداً فإن أدركه قائماً سجد ثم تبعه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز ذلك بعسفان للعذر والعذر ههنا موجود
١ رواه مسلم في كتاب الجمعة حديث ٢٦. أبو داود في كتاب الطهارة باب ١٢٧. أحمد في مسنده "٣/٨١".