من موضع واختلف أصحابنا في بغداد فقال أبو العباس: يجوز في مواضع لأنه بلد عظيم ويشق الاجتماع في موضع واحد وقال أبو الطيب بن سلمة: يجوز في كل جانب جمعة لأنه كالبلدين ولا يجوز أكثر من ذلك وقال بعضهم: كانت قرى متفرقة في كل موضع منها جمعة ثم اتصلت العمارة فبقيت على حكم الأصل.
فصل: وإن عقدت جمعتان في بلد إحداهما قبل الأخرى وعرفت الأولى منها نظرت فإن لم يكن مع واحدة منها إمام أو كان الإمام مع الأولى فالجمعة هي الأولى والثانية باطلة وبأي شيء يعتبر السبق؟ فيه قولان: أحدهما بالفراغ لأنه لا يحكم بصحتها إلا بعد الفراغ منها فوجب أن يعتبر السبق بالفراغ والثاني يعتبر بالإحرام لأنها بالإحرام تنعقد فلا يجوز أن تنعقد بعدها جمعة فإن كان الإمام مع الثانية ففيه قولان: أحدهما أن الجمعة هي الأولى لأنها جمعة أقيمت شروطها فكانت هي الجمعة والثاني أن الجمعة هي الثانية لأن في تصحيح الأولى افتياتاً على الإمام وتفويتاً للجمعة على عامة الناس وإن كانت الجمعتان في وقت واحد من غير إمام بطلتا لأنه ليس إحداهما أولى من الأخرى فوجب إبطالهما كما نقول فيمن جمع بين أختين في عقد واحد وإن لم يعلم هل كانتا في وقت واحد أو في وقتين بطلتا لأنه ليس كونهما في وقت واحد بأولى من تقدم إحداهما على الأخرى فحكم ببطلانهما وإن علم أن إحداهما قبل الأخرى ولم تتعين حكم ببطلانهما لأن كل واجدة من الطائفتين شك في إسقاط الفرض والفرض لا يسقط بالشك وفيما يجب عليهم قولان: أحدهما تلزمهم الجمعة إن كان الوقت باقياً لأن التي تقدمت لما لم تتعين لم يثبت حكمها فصارت كأن لم تكن والثاني يصلون الظهر لأنا تيقنا أن المتقدمة منهما جمعة صحيحة فوجب أن يصلوا الظهر احتياطاً وإن علمت السابقة منهما ثم أشكلت حكم ببطلانهما لأنه لا يمكن التوقف إلى أن تعرف لأنه يؤدي إلى فوات الوقت أو فواتهما بالموت فوجب الحكم ببطلانهما وبالله التوفيق.