هو من السنة ويأتي ببقية الخطبة على ما ذكرناه في الجمعة من ذكر الله تعالى وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم والوصية بتقوى الله وقراءة القرآن فإن كان في عيد الفطر علمهم صدقة الفطر وإن كان في الأضحى علمهم الأضحية لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته "لا يذبحن أحدكم حتى يصلي١" ويستحب للناس استماع الخطبة لما روي عن ابن مسعود البدري أنه قال: يوم عيد من شهد الصلاة معنا فلا يبرح حتى يشهد الخطبة فإن دخل رجل والإمام يخطب فإن كان في المصلى استمع الخطبة ولا يشتغل بصلاة العيد لأن الخطبة من سنن العيد ويخشى فوتها فكان الاشتغال بالخطبة أولى وإن كان في المسجد ففيه وجهان: قال أبو علي بن أبي هريرة يصلي تحية المسجد ولا يصلي صلاة العيد لأن الإمام لم يفرغ من سنة العيد فلا يشتغل بالقضاء وقال أبو إسحاق المروزي: يصلي العيد لأنها أهم من تحية المسجد وآكد وإذا صلاها سقط بها التحية فكان الاشتغال بها أولى كما لو حضر وعليه مكتوبة.
فصل: روى المزني أنه تجوز صلاة العيد للمنفرد والمسافر والعبد والمرأة وقال في الإملاء والقديم والصيد والذبائح: لا يصلي العبد حيث لا تصلى الجمعة فمن أصحابنا من قال فيها قولان: أحدهما أنهم لا يصلون لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمنى مسافراً يوم النحر فلم يصل ولأنها صلاة تشرع لها الخطبة واجتماع الكافة لم يفعلها المسافر كالجمعة والثاني أنهم يصلون وهو الصحيح لأنها صلاة نفل فجاز لهم فعلها كصلاة الكسوف ومن أصحابنا من قال: يجوز لهم فعلها قولاً واحداً وتأول ما قال في الإملاء والقديم على أنه أراد أن لا يصلي بالاجتماع والخطبة حيث لا تصلي الجمعة لأن في ذلك افتياتاً على السلطان.
فصل:إذا شهد شاهدان يوم الثلاثين بعد الزوال برؤية الهلال ففيه قولان: أحدهما لا يقضي والثاني يقضي وهو الصحيح فإن أمكن جمع الناس صلى بهم في يومهم فإن لم يمكن صلى بهم من الغد لما روى أبو عمير بن أنس عن عمومته قالوا: قامت بينة عند النبي صلى الله عليه وسلم بعد الظهر أنهم رأوا الهلال هلال شوال فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يفطروا وأن يخرجوا من الغد إلى المصلى وإن شهد ليلة الحادي والثلاثين صلوا قولاً واحداً ولا يكون ذلك قضاء لأن فطرهم غداً لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
١ رواه البخاري في كتاب العيدين باب ٥، ١٠. مسلم في كتاب الأضاحي حديث ١-٤. ابن ماجه في كتاب الأضاحي باب ١٢. أحمد في مسنده "٣/١١٣، ١١٧".