غسلته أجزأه لأن القصد منه التنظيف وذلك يحصل بغسلها وإن مات هل لها غسله؟ فيه وجهان: قال أبو علي الطبري لا يجوز لأنها عتقت بموته فصارت أجنبية والثاني يجوز لأنه لما جاز له غسلها جاز لها غسله كالزوجة.
فصل: وينبغي أن يكون الغاسل أميناً لما روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا يغسل موتاكم إلا المأمونون ولأنه إذا لم يكن أميناً لم يأمن أن لا يستوفي الغسل وربما ستر ما يظهر من جميل أو يظهر ما يرى من قبيح ويستحب أن يستر الميت عن العيون لأنه قد يكون في بدنه عيب كان يكتمه وربما اجتمع في موضع من بدنه دم فيراه من لا يعرف فيظن أن ذلك عقوبة وسوء عاقبة ويستحب أن لا يستعين بغيره إن كان فيه كفاية وإن احتاج إلى معين استعان بمن لا بد له منه ويستحب أن يكون بقربه مجمرة حتى إذا كانت له رائحة لم تظهر والأولى أن يغسل في قميص لما روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسلوه وعليه قميص يصبون عليه الماء ويدلكونه من فوقه ولأن ذلك أستر فكان أولى والماء البارد أولى من الماء المسخن لأن البارد يقويه والمسخن يرخيه وإن كان به وسخ لا يزيله إلا المسخن أو البرد شديداً ويخاف الغاسل من استعمال البارد غسله بالمسخن وهل تجب نية الغسل؟ فيه وجهان: أحدهما لا تجب لأن القصد منه التنظيف فلم تجب فيه النية كإزالة النجاسة والثاني تجب لأنه تطهير لا يتعلق بإزالة عين فوجبت فيه النية كغسل الجنابة ولا يجوز للغاسل أن ينظر إلى عورته لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت ويستحب أن لا ينظر إلى سائر بدنه إلا فيما لا بد منه ولا يجوز أن يمس عورته لأنه إذا لم يجز النظر فالمس أولى ويستحب أن لا يمس سائر بدنه لما روي أن علياً كرم الله وجهه غسل النبي صلى الله عليه وسلم وبيده خرقة يتبع بها ما تحت القميص.
فصل: والمستحب أن يجلسه إجلاساً رفيقاً ويمسح بطنه مسحاً بليغاً لما روى القاسم بن محمد قال: توفي عبد الله بن عبد الرحمن فغسله ابن عمر فنفضه نفضاً شديداً عصره عصراً شديداً ثم غسله ولأنه ربما كان في جوفه شيء فإذا لم يعصره قبل الغسل خرج بعده وربما خرج بعد ما كفن فيفسد الكفن وكلما أمر اليد على البطن صب عليه ماء كثيراً حتى إن خرج شيء لم تظهر رائحته ثم يبدأ فيغسل أسافله كما يفعل الحي إذا أراد الغسل ثم يوضأ كما يتوضأ الحي لما روت أم عطية قالت: لما غسلنا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: إبدؤوا بميامنها ومواضع الوضوء ولأن الحي يتوضأ إذا أراد الغسل ويدخل أصبعه في فيه ويسوك بها أسنانه ولا يفغر فاه ويتتبع ما تحت أظافره