فصل: إذا استهل السقط أو تحرك ثم مات غسل وصلي عليه لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استهل السقط غسل وصلي عليه وورث١" ولأنه قد ثبت له حكم الدنيا في الإسلام والميراث والدية فغسل وصلى عليه كغيره وإن لم يستهل ولم يتحرك فإن لم يكن له أربعة أشهر كفن بخرقة ودفن وإن تم له أربعة أشهر ففيه قولان: قال في القديم: يصلى عليه لأنه نفخ فيه الروح فصار كمن استهل وقال في الأم: لا يصلى عليه وهو الأصح لأنه لم يثبت له حكم الدنيا في الإرث وغيره فلم يصل عليه فإن قلنا يصلى عليه غسل كغير السقط وإن قلنا لا يصلى عليه ففي غسله قولان: قال في البويطي: لا يغسل لأنه لا يصلى عليه فلا يغسل كالشهيد وقال في الأم: يغسل لأن الغسل قد ينفرد عن الصلاة كما نقول في الكافر.
فصل: وإن مات كافر لم يصل عليه لقوله عز وجل {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}[التوبة:٨٤] ولأن الصلاة لطلب المغفرة والكافر لا يغفر له فلا معنى للصلاة عليه ويجوز غسله وتكفينه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر علياً عليه السلام أن يغسل أباه وأعطى قميصه ليكفن به عبد الله بن أبي سلول وإن اختلط المسلمون بالكفار ولم يتميزوا صلوا على المسلمين بالنية ولأن الصلاة تنصرف إلى الميت بالنية والاختلاط لا يؤثر في النية.
فصل: ومن مات من المسلمين في جهاد الكفار بسبب من أسباب قتالهم قبل انقضاء الحرب فهو شهيد لا يغسل ولا يصلى عليه لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في قتلى أحد بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا وإن جرح في الحرب ومات بعد انقضاء الحرب غسل وصلي عليه لأنه مات بعد انقضاء الحرب ومن قتل في الحرب وهو جنب ففيه وجهان: قال أبو العباس بن سريج وأبو علي بن أبي هريرة: يغسل لما روي أن حنظلة بن الراهب قتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما شأن حنظلة فإني رأيت الملائكة تغسله" فقالوا: جامع فسمع الهيعة فخرج إلى القتال فلو لم يجب غسله لما غسلته الملائكة.
١ رواه ابن ماجه في كتاب الجنائز باب ٢٦. الدارمي في كتاب الفرائض باب ٤٧.