تفتقر إلى النية لأنها من باب التروك فلم تفتقر إلى النية كترك الزنى والخمر واللواط والغضب والسرقة وأما الطهارة عن الحدث فهو الوضوء والغسل والتيمم فإنه لا يصح شيء منها إلا بالنية لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى١" ولأنها عبادة محضة طريقها الأفعال فلم تصح من غير نية كالصلاة.
فصل: ويجب أن ينوي بقلبه أن النية هي القصد تقول العرب: نواك الله بحفظه أي قصدك الله بحفظه فإن تلفظ بلسانه وقصد بقلبه فهو آكد.
فصل: والأفضل أن ينوي من أول الوضوء إلى أن يفرغ منه وأن يكون مستديماً للنية فإن نوى عند غسل الوجه ثم عزبت نيته أجزأه لأنه أول فرض فإذا نوى عنده اشتملت النية على جميع الفروض وإن عزبت نيته عند المضمضة قبل أن يغسل شيئاً من وجهه ففيه وجهان: أحدهما: تجزئه لأنه فعل راتب في الوضوء لم يتقدمه فرض فإذا عزبت النية عنده أجزأه كغسل الوجه والثاني: لا تجزئه وهو الأصح لأن نيته عزبت قبل الفرض فأشبه إذا عزبت عند غسل الكف وما قاله الأول يبطل بغسل الكف فإنه فعل راتب في الوضوء لم يتقدمه فرض ثم إذا عزبت النية عنده لم تجزئه.
فصل: وصفة النية أن ينوي رفع الحدث أو الطهارة من الحديث وأيهما نوى أجزأه لأنه نوى المقصود وهو رفع الحدث فإن نوى الطهارة المطلقة لم تجزه لأن الطهارة قد تكون عن حدث وقد تكون عن نجس فلم تصح بنية مطلقة وإن نوى الطهارة للصلاة أو لأمر لا يستباح إلا بالطهارة كمس المصحف ونحوه أجزأه لأنه لا يستباح مع الحدث فإذا نوى الطهارة لذلك تضمنت نيته رفع الحدث فإن نوى الطهارة لقراءة القرآن والجلوس
١ رواه البخاري في كتاب بدء الوحي باب ١ مسلم في كتاب الإمارة حديث ١٥٥ أبو داود في كتاب الطلاق باب ١١. النسائي في كتاب الطهارة باب ٥٩.