فأما إذا ملكه بإرث أو وصية أوهبة من غير شرط الثواب لم يصر للتجارة بالنية وإن ملكه بالبيع والإجارة ولم ينو عند العقد أنه للتجارة لم يصر للتجارة وقال الكرابيسي من أصحابنا: إذا ملك عرضاً ثم نوى به التجارة صار للتجارة كما إذا كان عنده متاع للتجارة ثم نوى القنية صار للقنية بالنية والمذهب الأول لأن ما لا يكون الزكاة من أصله لم يصر للزكاة بمجرد النية كالمعلوفة إذا نوى إسامتها ويفارق إذا نوى القنية بمال التجارة لأن القنية هي الإمساك بنية القنية وقد وجد الإمساك والنية والتجارة هي التصرف بنية التجارة وقد وجدت النية ولم يوجد التصرف فلم يصر للتجارة.
فصل: إذا اشترى للتجارة ما تجب الزكاة في عينه كنصاب السائمة والكرم والنخل نظرت فإن وجد فيه نصاب إحدى الزكاتين دون الأخرى كخمس من الإبل لا تساوي مائتي درهم أو أربع من الإبل تساوي مائتي درهم وجبت فيه زكاة ما وجد نصابه لأنه وجد سببها ولم يوجد ما يعارضه فوجبت وإن وجد نصابهما ففيه طريقان: قال أبو إسحاق: إن سبق حول التجارة بأن يكون عنده نصاب من الأثمان مدة ثم اشترى به نصاباً من السائمة وجبت زكاة التجارة فيه وإن سبق وجوب زكاة العين بأن اشترى نخلاً للتجارة فبدا فيها الصلاح قبل أن يحول حول التجارة وجبت زكاة العين لأن السابق منهما قد وجد سبب وجوب زكاته وليس هناك زكاة تعارضها فوجبت كما قلنا في ما وجد فيه نصاب إحدى الزكاتين دون الأخرى وإن وجد سببهما في وقت واحد مثل أن يشتري بما تجب فيه الزكاة نصاباً من السائمة للتجارة ففيه قولان: قال في القديم: تجب زكاة التجارة لأنها أنفع للمساكين لأنها تزداد القيمة فكان إيجابها أولى وقال في الجديد تجب زكاة العين لأنها أقوى لأنها مجمع عليها وزكاة التجارة مختلف في وجوبها ولأن نصاب العين يعرف قطعاً ونصاب التجارة يعرف بالظن فكانت زكاة العين أولى وقال القاضي أبو حامد في المسألة قولان: سواء اتفق حولهما أو سبق حول أحدهما والأول أصح فإن كان المشتري نخيلاً وقلنا بقوله القديم قوم النخيل والثمرة وأخرج الزكاة عن قيمتهما وإن قلنا بقوله الجديد لزمه عشر الثمرة وهل يقوم النخيل؟ فيه قولان: أحدهما لا يقوم لأن